هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان

هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان

هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان

 العراق اليوم -

هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان

بقلم : خير الله خير الله

كل ما هو مطلوب من المراهق اليمني هذه الأيام هو حمل السلاح والتوجه إلى الجبهة ليكون وقودا في حرب لا علاقة له بها من قريب أو بعيد. حرب لا تخدم سوى أهداف إيرانية.

ورطة إيران
ليس إطلاق الحوثيين (أنصار الله) ما لا يقلّ عن سبعة صواريخ في اتجاه الأراضي السعودية سوى دليل ضعف يترافق مع بلوغ مشروعهم اليمني طريقا مسدودا.

تعتبر هذه الصواريخ الباليستية التي حصل عليها الحوثيون من إيران وأطلقوها في اتجاه الأراضي السعودية بمثابة هديّة للأمير محمّد بن سلمان ولي العهد السعودي الذي يزور الولايات المتحدة حاليا والذي حذر أخيرا غير مرة من الخطر الذي يمثّله المشروع التوسعي الإيراني ومن الصواريخ الباليستية التي تنتجها إيران بتكنولوجيا كورية شمالية.

جاءت الصواريخ لتؤكد مواقف وليّ العهد السعودي حيال ما يدور في اليمن والحاجة إلى كبح الخطر الإيراني. هذا الخطر لا يشكّل تهديدا للمملكة العربية السعودية فحسب بل لكل دولة من دول الخليج العربي أيضا.

أكثر من ذلك، جاءت الصواريخ الإيرانية لتؤكد نجاح زيارة محمد بن سلمان وعمق المحادثات التي أجراها مع كبار المسؤولين الأميركيين. يبدو واضحا أن الرسالة الإيرانية تستهدف إبلاغ طهران لواشنطن والرياض أنّها ستذهب بعيدا في الردّ على التنسيق الأميركي – السعودي.

عمليّا، ساهم إطـلاق الصواريخ في تعـزيز وجهة النظر القائلة إن التصدي للمشروع الحوثي في اليمن كـان ضرورة وانه لم يكن أمام “التحالف العربي”، على رأسه السعودية ودولة الإمارات من خيار آخر. كل كـلام عن وجود مثل هذا الخيار الآخر في غير محله. ليس لدى الحوثيين ما يفعلونه سوى التمسك بالسلطة ونشر البؤس والفقر في كل مكـان يجدون موطئ قدم فيه. يمكن سؤال أي مواطن عادي يقيم في صنعاء هـذه الأيّـام عن الجحيم الذي خلقه “أنصار الله” في العاصمة اليمنية وجوارها.

كل ما هو مطلوب من المراهق اليمني هذه الأيام هو حمل السلاح والتوجه إلى الجبهة ليكون وقودا في حرب لا علاقة له بها من قريب أو بعيد. حرب لا تخدم سوى أهداف إيرانية.

بعد ثلاث سنوات على انطلاق “عاصفة الحزم”، يريد الحوثيون، ومن خلفهم إيران، إثبات أن اليمن تحول شوكة في خاصرة دول المنطقة. كان ذلك ممكنا لو لم يستطع “التحالف العربي” منع إيران من الاستيلاء على كل اليمن. ذلك كان الطموح الإيراني الذي استطاعت “عاصفة الحزم” وضع حدّ له، خصوصا في اليوم الذي استطاعت فيه تحرير عدن ثم المكلا والمخا.

الصواريخ الباليستية التي حصل عليها الحوثيون من إيران وأطلقوها في اتجاه الأراضي السعودية تعتبر بمثابة هدية للأمير محمد بن سلمان الذي حذر غير مرة من الخطر الذي يمثله المشروع التوسعي الإيراني

في نهاية المطاف، تبيّن بوضوح، ليس بعده وضوح، أن “أنصار الله” يعانون من إفلاس ليس بعده إفلاس، خصوصا أنّهم لا يمتلكون أيّ مشروع سياسي أو اقتصادي باستثناء رفع الشعارات التي لا معنى لها من نوع “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. هل تكون محاربة أميركا وإسرائيل بصواريخ تطلق في اتجاه الأراضي السعودية.

كلّ ما في الأمر أنه لم تعد من حاجة إلى إقناع كلّ من يعنيه الأمر بأن “عاصفة الحزم” كانت حربا دفاعية تستهدف التوصل إلى حل سياسي. ليس المبلغ الذي سلّمته السعودية والإمارات إلى الأمم المتحدة، وهو 930 مليون دولار، من أجل مساعدة اليمنيين سوى دليل آخر على ذلك.

سقطت في الواقع كل الحجج الباطلة التي كان يروجها المستعينون بالمأساة اليمنية لتبرير حملاتهم على السعودية والإمارات. بعد إطلاق الصواريخ، يتبيّن أن الحوثيين في أساس المأساة اليمنية. أنّهم الطرف الذي لا يزال يرفض الحلول السياسية والذي ليس لديه ما يراهن عليه سوى استمرار الحرب.

كانت الصواريخ أيضا ردّا على المبعوث الدولي مارتن غريفيث ممثل الأمين العام للأمم المتحدة. أطلقت الصواريخ بعيد وصول غريفيث إلى صنعاء في محاولة منه للبحث عن حلّ سياسي.

يأخذ هذا الحلّ في الاعتبار أن الحوثيين طرف يمني، لكنهم ليسوا كل اليمن ولا حتى شمال اليمن. لو كان الحوثيون يمثلون بالفعل شمال اليمن، لما كانوا أقدموا على جريمة اغتيال علي عبدالله صالح الذي سبق له ودخل في شراكـة معهم. يبـدو أن الحوثيين قرروا فرض أسلوب تعاط معيّن على المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة. يريدون إبلاغه بكل بساطة أنهم حكومة بكل معنى منذ احتلالهم صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 وأن لا مفرّ من التعامل معهم بهذه الصفة، أي كـ“شرعية ثورية” وليس كطرف من أطراف الأزمة.

لا يمكن إدراج إطلاق الصواريخ الإيرانية في اتجاه الأراضي السعودية إلا في سياق رفض الحوثيين لأي مفاوضات من أي نوع تؤدي إلى استعادتهم حجمهم الحقيقي. ليس هناك من يريد إلغاء الحوثيين، على الرغم من كلّ الجرائم التي ارتكبوها. لكنّ ليس في استطاعة أي جهة، خصوصا الأطراف العربية المعنية بالموضوع اليمني، قبول تحوّل اليمن إلى منصة صواريخ إيرانية تهدّد المدن العربية، بما في ذلك الرياض.

أعطت الصواريخ الإيرانية مفعولا معاكسا لما كانت تشتهيه طهران. زادت القناعة القائمة لدى “التحالف العربي” بأن لا بديل من القضاء على المشروع الإيراني في اليمن. إضافة إلى ذلك، لم يعد هناك شكّ لدى الإدارة الأميركية، في حلتها الجديدة، بأنّ المشكلة مع إيران تكمن في الصواريخ الباليستية أكثر بكثير مما هي في الملفّ النووي والاتفاق الموقع مع طهران صيف العام 2015.

كشفت إيران، عبر ما تفعله في اليمن، نيّاتها الحقيقية. هناك الآن مسؤولية من نوع آخر تقع على “التحالف العربي” الذي أطلق “عاصفة الحزم”. تتمثّل هذه المسؤولية في تعبئة كلّ القوى اليمنية القادرة من اجل استعادة صنعاء من الحوثيين. هذا الأمر ليس ممكنا في غياب محاولة جدّية لإعادة تشكيل “الشرعية” التي يفترض أن تكون موجودة في اليمن وليس في فنادق الرياض وغير الرياض.

ما على المحكّ في اليمن كبير. هذا يتطلب قبل أي شيء إعادة تجميع القوى القادرة على مواجهة “أنصار الله” فعلا بدل التلهي في معارك جانبية في وقت لا همّ للإخوان المسلمين الذين يشاركون في هذه المعارك سوى منع حصول أي حسم. هذا عائد إلى حسابات خاصة بالإخوان الذين كانوا يسيطرون دائما على جزء من الجيش اليمني (الفرقة الأولى المدرّعة مثلا). هذا ما كانت عليه الحال في الحروب الست التي خاضها علي عبدالله صالح مع الحوثيين بين 2004 و2010. كان هدف الإخوان تجميع السلاح وتخزينه للقضاء على علي عبدالله صالح يوما.

بعد دفعة الصواريخ الأخيرة التي وجهت إلى الأراضي السعودية، لم يعد مجال لأي مزاح. توضحت الصورة تماما. كشرت إيران عن أنيابها أكثر. ردت سريعا على زيارة محمد بن سلمان لواشنطن ومدن أميركية أخرى. لا بدّ من توقع ردود إيرانية أخرى في مناطق مختلفة. ردود تصدر عن طرف تعوّد على ألّا يجد من يردّ على تحدياته وعلى مشروعه التوسعي القائم على استخدام أدوات محلّية في هذه الدولة العربية أو تلك. بين هذه الأدوات الميليشيات المذهبية غير الإيرانية والصواريخ الباليستية التي بدأ الأميركيون يأخذونها على محمل الجدّ أكثر فأكثر

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان هدية إيرانية لمحمّد بن سلمان



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:08 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 09:48 2017 الجمعة ,10 آذار/ مارس

طرح عطر "Roberto Cavalli" الخشبي لعام 2017

GMT 06:04 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تعرفي على طرق تغذية الشعر من الطبيعة

GMT 08:44 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

قوات الاحتلال تعتقل ثلاثة فلسطينيين من الخليل

GMT 07:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محررة موضة تكشف عن أفضل المعاطف للشتاء

GMT 05:18 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى بمجموعة فائقة من المميزات

GMT 07:06 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

بالدوين حديث الموسم خلال أسبوع الموضة في لندن

GMT 05:13 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

دنيا سمير غانم تهنئ شيماء سيف بمناسبة خطوبتها

GMT 23:28 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

معهد السلامة المرورية يستقبل وفدًا من الجيش السلطاني

GMT 03:35 2015 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

جمهورية الجبل الأسود تستقبل عشاق الطبيعة الساحرة

GMT 08:53 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على تاريخ المدينة السويسرية الماجن
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq