متى تنتهي الحرب العالمية الأولى

متى تنتهي الحرب العالمية الأولى

متى تنتهي الحرب العالمية الأولى

 العراق اليوم -

متى تنتهي الحرب العالمية الأولى

بقلم : خير الله خير الله

قيل الكثير على هامش مئوية وعد بلفور. لكنّ هناك أمورا لم تقل. بين الأمور التي لم تقل إنّه ليس صحيحا أنّه لم يكن هناك وعي عربي، لدى البعض فقط، لخطورة عدم إدراك المعنى الحقيقي لـ“إعلان” مقتضب من 67 كلمة. إنّه “إعلان” صادر عن وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في الثاني من تشرين الثاني-نوفمبر 1917.

كان “الإعلان” الذي ما لبث العرب أن سمّوه “وعد بلفور” موجّها إلى الحركة الصهيونية عبر أحد زعماء اليهود البريطانيين لورد بلفور. بعد واحد وثلاثين عاما من صدور “الوعد”، أعلن قيام دولة إسرائيل. قبل ذلك بسنة، أي في العام 1947، كان قرار التقسيم الذي رفضه الفلسطينيون والعرب وكان تقسيما لأرض فلسطين بين العرب واليهود. أعطى قرار التقسيم العرب أكثر بكثير مما يطالبون به الآن وذلك بعدما صارت إسرائيل الحالية تعتبر الضفّة الغربية المحتلة “أرضا متنازعا عليها” وليست أرضا محتلة في العام 1967.

ما لم يُقل في مناسبة مئوية “وعد بلفور” إنّ هناك عربا تحلّوا بحدّ أدنى من المنطق. هؤلاء سعوا، وإن في مرحلة متأخّرة إلى الحد من أضرار رفض قرار التقسيم والدخول في حرب 1948 التي تلت “إعلان قيام دولة إسرائيل”. على رأس هؤلاء كان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.

دعا “المجاهد الأكبر” في الثالث من نيسان-أبريل من العام 1965 من مدينة أريحا في الضفّة الغربية، التي كانت لا تزال تحت السيادة الأردنية، إلى اعتراف العرب بقرار التقسيم والدخول في مفاوضات على أساسه. لا يزال خطاب بورقيبة الذي سبق هزيمة 1967 بأكثر من عامين عنوانا لما يجب أن تكون عليه شجاعة السياسيين الذين يرفضون بيع شعوبهم الأوهام والمتاجرة بالفلسطينيين وقضيتهم.

من المفيد العودة إلى ما قاله بورقيبة في أريحا في العام1965. لم يعجب كلامه الفلسطينيين الذين خونوه وذلك بعدما اعتبر جمال عبدالناصر أن كلامه “يعني التعايش السلمي مع إسرائيل”.

ذهب الفلسطينيون إلى اعتبار كلام بورقيبة “خيانة عظمى” من منطلق أنّه قال الآتي “ما كنا لننجح في تونس خلال بضع سنوات لولا أننا تخلّينا عن سياسة الكلّ أو لا شيء وقبلنا كلّ خطوة تقرّبنا من الهدف. أمّا هنا، فقد أبى العرب الحلّ المنقوص ورفضوا التقسيم وما جاء في الكتاب الأبيض ثمّ أصابهم الندم وأخذوا يرددون “ليتنا قبلنا ذلك الحل”.

في 1965، لم يكن في العالم العربي سوى زعيم واحد هو جمال عبدالناصر، الضابط المتعطّش للسلطة، الذي لم يمتلك أكثر من ثقافة جدّ متواضعة جعلته عاجزا عن فهم معنى خروج الجاليات الأجنبية من المدن المصرية بعد تأميم قناة السويس في العام 1956.. ومعنى إجبار الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الرضوخ لإرادتها في تلك المرحلة.

جاءت هزيمة 1967 لتعطي الحقّ كل الحق لبورقيبة الذي استضافت بلده القيادة الفلسطينية بعدما طردتها إسرائيل من لبنان في العام 1982. لم يجد القادة الفلسطينيون مكانا يذهبون إليه بعد مغامرتهم اللبنانية سوى إلى بلد من ارتكب “الخيانة العظمى” في حقهم!

في غياب عبدالناصر، استطاع أنور السادات إدخال بعض المنطق إلى العقل العربي، لكن الساعين إلى وراثة عبدالناصر كانوا كثرا. وضعوا ياسر عرفات في الأسر ومنعوه من اللحاق بركب السادات الذي استطاع استعادة الأرض المصرية المحتلّة في 1967.

ما ينساه معظم الناس أن قمة كامب ديفيد في أيلول-سبتمبر 1978 أسفرت عن اتفاقين وليس عن اتفاق واحد أدّى إلى المعاهدة المصرية-الإسرائيلية في آذار-مارس 1979. كان الاتفاق الآخر يتعلّق بالفلسطينيين والضفّة الغربية التي كان لا يزال عدد المستوطنات الإسرائيلية فيها محدودا.

زايد حافظ الأسد وصدّام حسين (أحمد حسن البكر كان رئيسا للجمهورية في العراق، لكنّ صدّام كان الرجل القوي) على السادات في أواخر سبعينات القرن الماضي. كان كلّ منهما يحلم بوراثة زعامة عبدالناصر، حتّى لو كان ذلك على حساب فلسطين والفلسطينيين. لجآ إلى تهديد الزعماء العرب الآخرين الذين لم يجدوا ما يفعلونه سوى الانضمام إلى التوجه العام لعزل مصر.

لعب حزب البعث الذي حكم سوريا والعراق دوره في تكريس التخلّف العربي قبل أن يسلّم راية المتاجرة بفلسطين إلى إيران الخميني التي ورثت بالفعل زعامة عبدالناصر بفضل الجسر إلى لبنان الذي أمّنه لها حافظ الأسد مطلع ثمانينات القرن الماضي.

ما ميّز كلّ مرحلة من المراحل التي تلت صدور وعد بلفور هو سيطرة الصوت العربي العالي، والآن الصوت الإيراني، على كلّ من يتحدّث بلغة العقل. لذلك لم يسمع العرب يوما لما يقوله الملك حسين والملك الحسن الثاني، رحمهما الله.

كان الفلسطينيون في كلّ وقت عاجزين عن الذهاب إلى النهاية في أيّ مسار ذي طابع سلمي قرروا انتهاجه. هذا لا يعني في أيّ شكل تجاهل السياسة العدوانية لإسرائيل التي تكشفها الرغبة في متابعة سياسة الاستيطان في الضفّة الغربية من جهة وعزل القدس الشرقية عن محيطها من جهة أخرى.

قالت إحدى الصحف البريطانية النافذة في ذكرى وعد بلفور إن الحرب العالمية الثانية انتهت، لكن الحرب العالمية الأولى لم تنته بعد، أقلّه في منطقة الشرق الأوسط. ولد سايكس-بيكو (1916) ووعد بلفور (1917) من رحم الحرب العالمية الأولى التي تخللها تقاسم القوى الاستعمارية، في ضوء انهيار الدولة العثمانية، لمناطق نفوذ في الشرق الأوسط الذي رسمت خارطته الجديدة بين البريطانيين والفرنسيين.

بعد مئة عام على وعد بلفور، لا يزال عدد الأسئلة أكبر بكثير من عدد الأجوبة. لا يزال السؤال الكبير ما العمل بالشعب الفلسطيني الذي لا يزال حاضرا على الخارطة السياسية للمنطقة.

هل يمكن إلغاء شعب موجود لمجرّد أن وعد بلفور تحدّث عن “وطن يهودي في فلسطين” في حين لم يأت على ذكر الفلسطينيين، كشعب، بأيّ شكل، مكتفيا بالإشارة إلى “عدم الإساءة إلى الحقوق الدينية والمدنية للمجموعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين”.

لم تلغ كلّ التطورات التي شهدها الشرق الأوسط منذ 1917 الشعب الفلسطيني. لم تستطع إسرائيل التخلّص من هذا الشعب الذي ذهب ضحيّة الأوهام التي زرعها العرب في رأسه، وهي أوهام ارتدت في نهاية المطاف على العرب أنفسهم، خصوصا بلدين هما سوريا والعراق ذهبا ضحيّة عقدة جمال عبدالناصر التي تحكّمت بحافظ الأسد وصدّام حسين ووريثتهما التي اسمها حاليا “جمهورية إيران الإسلامية”.

في 2017، بعد مئة سنة على وعد بلفور، لا تزال الحرب العالمية الأولى مستمرّة. مع توسّع إسرائيل وإيران ومع انهيار الكيانين السوري والعراقي، لا تزال المنطقة في حاجة إلى ملحق لاتفاق سايكس-بيكو وآخر إلى الكلمات الـ67 في وعد بلفور عن “وطن قومي للشعب الفلسطيني في فلسطين”… متى يصلح الخطأ ويعلن رسميا عن انتهاء الحرب العالمية الأولى؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تنتهي الحرب العالمية الأولى متى تنتهي الحرب العالمية الأولى



GMT 16:31 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

لا "ترامبية"... بعد ترامب

GMT 16:54 2020 الأربعاء ,15 تموز / يوليو

بداية حرب في المنطقة…

GMT 08:31 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.... من ليبيا

GMT 13:35 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الأردن... ومزايدات الاخوان

GMT 15:25 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

كأس أخرى من السمّ

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:08 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 09:48 2017 الجمعة ,10 آذار/ مارس

طرح عطر "Roberto Cavalli" الخشبي لعام 2017

GMT 06:04 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

تعرفي على طرق تغذية الشعر من الطبيعة

GMT 08:44 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

قوات الاحتلال تعتقل ثلاثة فلسطينيين من الخليل

GMT 07:45 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محررة موضة تكشف عن أفضل المعاطف للشتاء

GMT 05:18 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى بمجموعة فائقة من المميزات

GMT 07:06 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

بالدوين حديث الموسم خلال أسبوع الموضة في لندن

GMT 05:13 2017 الثلاثاء ,27 حزيران / يونيو

دنيا سمير غانم تهنئ شيماء سيف بمناسبة خطوبتها

GMT 23:28 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

معهد السلامة المرورية يستقبل وفدًا من الجيش السلطاني

GMT 03:35 2015 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

جمهورية الجبل الأسود تستقبل عشاق الطبيعة الساحرة

GMT 08:53 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على تاريخ المدينة السويسرية الماجن
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq