دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير
أخر الأخبار

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

 العراق اليوم -

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

بقلم - خير الله خير الله

الحل الوحيد أمام لبنان واللبنانيين يتمثل في تشكيل حكومة تضم كفاءات بما يؤدي إلى تمكين البلد من الحصول على المساعدات الخارجية الموعود بها. هذه المساعدات لن تأتي من إيران ودول مفلسة أخرى.

ليس سعد الحريري وحده من يرفض الخضوع لإرادة "حزب الله"
يصعب تحديد طبيعة الأزمة اللبنانية التي يبدو أنّها تزداد خطورة مع مرور الأيّام في ظلّ مزيد من العراقيل توضع في طريق سعد الحريري الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة. يسهل في المقابل تحديد طبيعة هذه الأزمة لدى العودة إلى الجذور، أي إلى السلاح غير الشرعي لدى ميليشيا مذهبية تابعة لإيران تتحكّم بكلّ صغيرة وكبيرة في البلد.

زادت الأزمة اللبنانية تعقيدا بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في السادس من أيّار – مايو الماضي. إلى الآن، لم تظهر نتائج الانتخابات على حقيقتها في ظل إصرار “حزب الله” على التصرّف من موقع المنتصر في هذه الانتخابات التي استطاع إجراءها استنادا إلى قانون وُضعَ على مقاسه.

أنجب هذا القانون العجيب الغريب، القائم على النسبية وعلى ما هو مناقض لها في آن، مجلسا نيابيا حقّق الكثير مما كان يطمح إليه الحزب الذي أغلق مجلس النواب عامين كاملين بغية فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية.

خيّر “حزب الله” البلد، في الماضي، بين انتخاب مرشّحه رئيسا للجمهورية، وبين الفراغ الرئاسي. وضع اللبنانيين الصادقين الذين يمتلكون حدّا أدنى من الروح الوطنية، أمام خيارين أحلاهما مرّ. اختار اللبنانيون الشرفاء الذين يرفضون أي مجازفة بمصير البلد استبعاد الفراغ الرئاسي. المشكلة أنّ هذا الخيار الذي كان في محله لم يفضِ إلى النتائج المرجوة. الدليل على ذلك واضح. يتمثل في أن الأزمة التي يعاني منها لبنان مستمرّة وزادت هذه الأزمة تجذّرا بعد الانتخابات النيابية التي لا تزال في حاجة إلى من يفسّر نتائجها، وكيف تنعكس هذه النتائج على تشكيل الحكومة الجديدة.

عندما فُرض رئيس الجمهورية اللبنانية على اللبنانيين فرضا، كرّس “حزب الله” عُرفا سيكون من الصعب على البلد الخروج منه. لم يعد مجلس النواب يجتمع، كما يطلب الدستور، مع اقتراب موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية. صار على المجلس أن يجتمع من أجل غرض واحد هو التصويت لمصلحة المرشّح الذي اختاره “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، كي يصبح رئيسا للجمهورية. دون ذلك، يبقى مجلس النوّاب مغلقا ويبقى كل شيء يراوح مكانه في ظلّ فراغ رئاسي.

ما نشهده اليوم نتيجة مباشرة لما حدث قبل عامين وشهر تقريبا عندما التأم مجلس النواب لانتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية. ففي ظل الحاجة إلى بقاء سعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء، تبذل محاولة لفرض حكومة ذات تركيبة معيّنة على الرجل. بكلام أوضح، مثلما أنّ “حزب الله” صار في موقع من يختار للبنان رئيس جمهوريته، لا بدّ من الانتقال إلى ما هو أبعد من ذلك، أي إلى تشكيله للحكومة اللبنانية. يمارس هذا الفعل استنادا إلى ما سمّاه حسن نصرالله، الأمين العام للحزب، “معايير” معيّنة فرضتها نتائج الانتخابات النيابية.

مطلوب بكلّ بساطة أن يتحوّل رئيس مجلس الوزراء في لبنان إلى “مدير” لجلسات المجلس، أي إلى موظف آخر رفيع المستوى لدى “حزب الله”. هذا ما لا يمكن لسعد الحريري القبول به. ليس سعد الحريري وحده من يرفض ذلك، مع ما يعنيه الأمر من انقلاب على اتفاق الطائف وتهميش لكلّ الطائفة السنّية في لبنان… امتدادا لما حصل في سوريا منذ استيلاء حافظ الأسد على كلّ السلطات في تشرين الثاني – نوفمبر 1970، وفي العراق بعد العام 2003 وتشكيل مجلس الحكم الموقت الذي كان الهدف منه واضحا كل الوضوح، أي التهميش الكامل للسنّة العرب وعزلهم عن القرار السياسي.

نعم، ليس سعد الحريري وحده من يرفض الخضوع لإرادة “حزب الله”. وقف إلى جانبه رؤساء الوزارة السابقون وهم تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي. أنْ يتخذ نجيب ميقاتي موقفا حازما من أي مسّ بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء بموجب المادة 53 من الدستور حدث مهمّ، خصوصا أن الأخير خاض الانتخابات في طرابلس على رأس لائحة منافسة للائحة “تيار المستقبل”، إضافة إلى أنه قبل في العام 2011 أن يكون رئيسا لحكومة شكّلها له “حزب الله” وذلك في ظلّ ضغوط كبيرة، لم تكن سرّا على أحد، مارسها عليه وعلى أفراد عائلته بشّار الأسد شخصيا.

المضحك-المبكي في كل المشهد اللبناني أن هناك فئة من المسيحيين تعتقد أنّ في استطاعتها استرجاع حقوقها وتعديل اتفاق الطائف معتمدة على سلاح “حزب الله”. لا تدري هذه الفئة أن ما تفعله وتمارسه يُعتبر الطريق الأقصر لتهجير مزيد من اللبنانيين من لبنان، خصوصا من المسيحيين.

مخيف أنّه لا وجود لأي إدراك لخطورة السلاح غير الشرعي في لبنان من جهة، إضافة إلى رغبة في تجاهل تجارب الماضي القريب من جهة أخرى. تقول هذه التجارب إن الحلّ الوحيد أمام لبنان واللبنانيين يتمثل في تشكيل حكومة تضمّ كفاءات بما يؤدي إلى تمكين البلد من الحصول على المساعدات الخارجية الموعود بها. هذه المساعدات لن تأتي من إيران ودول مفلسة أخرى.

هذه المساعدات لا تأتي إلا إذا تشكلت حكومة برئاسة سعد الحريري تكون مقبولة من المجتمع الدولي الذي لن ينقذ الاقتصاد اللبناني إلّا في إطار شروط معيّنة على اللبنانيين التزامها بصرامة. باختصار شديد، لن يُفرج عن أي مساعدات مخصصة للبنان بموجب مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في نيسان – أبريل الماضي في غياب حكومة شبه معقولة لا يتحكّم بها “حزب الله”.

هذا هو الوضع اللبناني كما هو. أصبحت رئاسة مجلس الوزراء الحصن الأخير في الدفاع عن لبنان، خصوصا بعدما تعلّم السنّة من تجارب الماضي القريب عندما ارتكبوا خطيئة اعتبار أن الفلسطينيين جيشهم، وأن هذا الجيش سيخلّصهم من “المارونية السياسية”. تغيّر السنّة كلّيا في السنوات الماضية. عرفوا معنى التجاوزات الفلسطينية في لبنان، وعرفوا خطورة أن يحلّ مكان زعمائهم الكبار، من وزن صائب سلام وتقيّ الدين الصلح، زعران أحياء من مستوى إبراهيم قليلات، المدان في جريمة اغتيال كامل مروّة.

على الرغم من الوضع الاقتصادي المهترئ وغياب الرؤية لدى مسيحيين كثيرين، لم يفقد كلّيا بعد الأمل في إنقاذ لبنان، علما أن الخطوة الأولى في عملية الإنقاذ هذه تبدأ بالاعتراف بأن هناك أزمة عميقة على كلّ المستويات.

ليست الأزمة أزمة اقتصادية فقط، وليست أزمة بنى تحتية وطرقات وعجز عن معالجة الازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت أو التقصير في التعاطي مع ملفي الكهرباء والنفايات. هناك محاولة لوضع اليد على مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء عبر سلاح غير شرعي لميليشيا مذهبية تتلقى أوامرها من خارج لبنان.

هل من يعي هذا الواقع، أم المطلوب تكرار الخطأ الذي ارتكبته في الماضي أوساط سنّية اعتقدت أن في استطاعتها تحصيل حقوقها عبر السلاح الفلسطيني؟ انتهى الأمر بأن سقطت هذه الأوساط، مع الفلسطينيين طبعا، في لعبة كان يديرها النظام السوري من دمشق. هذه اللعبة نفسها تدار الآن بوسائل أخرى ولكن من طهران!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 17:01 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تواجهك أمور صعبة في العمل

GMT 03:08 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر قناص بريطاني في العراق يروي قصته مع الحروب

GMT 11:26 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

المدعية العامة لنيويورك تقاضي شركة "أمازون"

GMT 08:59 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

عبدالرحمن خلف يتوج بذهبية بطولة روسيا للتايكوندو

GMT 09:15 2018 الجمعة ,17 آب / أغسطس

والد إرهابي سعودي يساعد في القبض على نجله

GMT 06:11 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

بيونسيه أنيقة خلال وجودها على متن طائرة خاصّة

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلوب يكشف سبب استبدال محمد صلاح في مواجهة روما

GMT 03:02 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

الشاي الأخضر يجعل صحتك أفضل ووزنك أقل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq