من اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال بيروت

من اغتيال رفيق الحريري... إلى اغتيال بيروت

من اغتيال رفيق الحريري... إلى اغتيال بيروت

 العراق اليوم -

من اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال بيروت

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

آن أوان الانتهاء من المعادلة التي تحكّمت بلبنان في السنوات القليلة الماضية، خصوصا منذ وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
من اغتيال رفيق الحريري، قبل خمسة عشر عاما ونصف عام، وتحديد المحكمة الدولية في الثامن عشر من آب – أغسطس 2020 الجهة التي تقف وراء الجريمة، لم يعد سرّا أن المطلوب اغتيال بيروت ولبنان. هل صدفة أن الحكم في اغتيال رفيق الحريري جاء بعد أسبوعين بالتمام والكمال على تفجير بيروت؟

دفع لبنان غاليا، وما زال يدفع، ثمن العدوانية الإيرانية التي كان هدفها في كلّ وقت تحويل لبنان إلى مجرّد أداة بعد تغيير طبيعة المجتمع اللبناني في يوم من الأيّام، على غرار تغيير طبيعة المجتمع الشيعي، بأكثريته طبعا.

هذا ما يفسّر وقوع اختيار "حزب الله" على أن يكون ميشال عون رئيسا للجمهورية وإصراره على ذلك. وضع "حزب الله" اللبنانيين أمام خيارين لا ثالث لهما. إمّا ميشال عون رئيسا للجمهورية أو يبقى مجلس النوّاب اللبناني مغلقا. بكلام أوضح، إمّا ميشال عون أو الفراغ. بعد تجربة ميشال عون في رئاسة الجمهورية والكارثة التي حلّت ببيروت، يبدو أكيدا أن الفراغ كان أفضل... حتّى لو كان ثمن ذلك الاستغناء عن رئاسة الجمهورية في بلد لم يعمل فيه ميشال عون، عندما مكث في قصر بعبدا مرّتين، في أواخر ثمانينات القرن الماضي وبعد العام 2016، سوى على تهجير أكبر عدد من اللبنانيين خصوصا من المسيحيين إلى خارج لبنان. 

من الواضح أنّ "الجمهورية الإسلامية" ترفض الاعتراف بانّ السيطرة على  لبنان ليست سهلة وليست مضمونة على الرغم من كلّ الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل لتأكيد انّهما ما زالا قادرين على تشكيل غطاء مسيحي لـ"حزب الله" وسلاحه غير الشرعي في لبنان . يؤكّد ذلك امران. أولهما انفضاض المسيحيين عن ميشال عون وصهره اللذين شكّلا غطاء للحزب ولا شيء آخر غير ذلك استنادا الى معادلة في غاية الوضوح: اغطي فسادك، تغطّي سلاحي.

امّا الأمر الآخر اللافت، الذي لا مفرّ من الاعتراف به، فهو يتمثّل في أنّ وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف حرص على المجيء إلى بيروت في الوقت الذي كان مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل فيها. لم يجد ظريف ما يقوله في بيروت سوى اعتراضه، بكلّ وقاحة، على وجود البوارج الأجنبية في الميناء المنكوب. تكلّم بصفته ممثّلا لسلطة الوصاية الإيرانية على لبنان. هناك قطع حربية عدّة أبرزها حاملات طائرات الهليكوبتر الفرنسية "تونير"، الراسية قبالة بيروت. كذلك، توجد قبالة ميناء العاصمة اللبنانية القطعة البحرية البريطانية "انتربرايز". غاب عن بال ظريف أن الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين جاؤوا لمساعدة بيروت كمدينة، كانت في الماضي مزدهرة، ولمساعدة أهل بيروت المنكوبين في محنتهم. لم يأخذ وزير الخارجية الإيراني، ذو الابتسامة المميزّة التي تخفي ازدراء بلبنان واللبنانيين، علما بان تغييرا في العمق حصل في لبنان. لم يأخذ علما بأنّ المسيحيين، بأكثريتهم الساحقة، لا يتحمّلون "حزب الله" وسلاحه، كما لا يتحمّلون الطرف المسيحي المتمثّل بميشال عون وجبران باسيل، وهو الطرف الذي يغطي السلاح الإيراني في لبنان.

آن أوان الانتهاء من المعادلة التي تحكّمت بلبنان في السنوات القليلة الماضية، خصوصا منذ وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. آن أوان ذلك في ضوء انكشاف المستور. المستور ليس الحكم في قضيّة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه. صار معروفا منذ زمن طويل من خطّط لاغتيال رفيق الحريري ومن غطّى الجريمة ومن نفّذها في العام 2005. المستور هو الواقع الذي يعيشه لبنان والضربة التي تلقاها المسيحيون فيه. هؤلاء صاروا طائفة منكوبة في بلد متعدد الطوائف. لم يكتف ميشال عون بتهجير أكبر عدد من المسيحيين من لبنان في 1988 و1989 و 1990، بل جعل كلّ اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب والمناطق والطبقات الاجتماعية شعبا فقيرا في السنة 2020.

من ينقذ لبنان من المأساة التي يعاني منها؟ الجواب أنّ هناك لحسن الحظّ دعوة صريحة إلى "الحياد الناشط" للبنان صدرت عن البطريركية المارونية. تركّز المذكّرة التي خرجت عن البطريركية على وجود مخرج للبنان. إنّه "الحياد الناشط" ولا شيء آخر غير هذا الحياد الذي حدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي أسسه. أخيرا اتخذ البطريرك قرارا بلعب دور المنقذ للبنان، في حال كان لا يزال هناك ما يمكن انقاذه. الأكيد أنّ نص المذكرة المتعلّقة بـ"الحياد الناشط" صيغ بدقّة متناهية. جاء في المذكّرة أن "مفهوم الحياد الناشط ذو ثلاثة أبعاد مترابطة ومتكاملة وغير قابلة للتجزئة".

البُعد الأول هو "عدم دخول لبنان قطعيًّا في أحلاف ومحاور وصراعات سياسيَّة وحروب إقليميًّا ودوليًّا وامتناع أي دولة إقليميَّة أو دوليَّة عن التَّدخل في شؤونه أو الهيمنة عليه أواجتياحه أو احتلاله أو استخدام أراضيه لأغراض عسكريَّة، بموجب اتفاقيَّة مؤتمر لاهاي الثاني للعام 1907". اما البعد الثاني، فيتمثل في "تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الإنسان وحرية الشعوب، لا سيما حقوق الشعب الفلسطيني". في حين أن البعد الثالث هو "تعزيز الَّدولة اللبنانية لتكون دولة قوية عسكريَّا بجيشها ومؤسساتها".

لم يتردّد البطريرك الماروني في تسمية "حزب الله" بصفة كونه الميليشيا المسلّحة الوحيدة في لبنان. بات هناك وعي لبناني لخطورة وجود دويلة تسيطر على الدولة اللبنانية. مؤسف أن رئيس الجمهورية لا يرغب في إدراك ذلك وأن جبران باسيل ما زال يعتقد أن إيران ستأتي به رئيسا للجمهورية في السنة 2022. هذا ما ظهر واضحا من خلال كلمته الأخيرة التي ركّز فيها على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنافسه الديموقراطي جون بايدن يتنافسان على كسب ودّ ايران بعد انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني – نوفمبر المقبل!

من يراهن على إيران، انّما يراهن على وهم ولا شيء آخر غير ذلك. مسكين المسيحي في لبنان إذا لم يتخلّص اليوم قبل غد من ميشال عون، من رئيس لا يعرف أنّه لولا التحقيق الدولي ولولا المحكمة الدولية التي أنشئت بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لما كان هناك يوم الثامن عشر من آب – أغسطس 2020 الذي حدّدت فيه المحكمة الدولية، من لاهاي من قتل رفيق الحريري ورفاقه.

تكمن مأساة لبنان حاليا في أنّه لا يوجد على مستوى رئاسة الجمهورية من يريد معرفة لماذا حصل تفجير ميناء بيروت ولماذا تلك الضربة التي تلقاها المسيحيون ومن أجل ماذا يستمرّ دفعهم إلى الهجرة من لبنان...

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال بيروت من اغتيال رفيق الحريري إلى اغتيال بيروت



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة

GMT 01:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيماء مرسي تؤكّد أنّ مواقع التواصل الاجتماعي يحكمها الإتيكيت

GMT 06:17 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

طرح عطر "فانيلا نواغ" الساحر للمرأة التي تعشق الإثارة

GMT 07:35 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

كيارا فيراغني من مدونة في عالم افتراضي إلى عارضة أزياء شهيرة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq