الفراغ الكامل في لبنان
أخر الأخبار

الفراغ الكامل في لبنان

الفراغ الكامل في لبنان

 العراق اليوم -

الفراغ الكامل في لبنان

خيرالله خيرالله
بقلم - خيرالله خيرالله

بعد قرن على قيام "لبنان الكبير" هناك من لا يزال يعتقد أنّ في استطاعته الضحك على اللبنانيين هناك رئيس عاجز عن استيعاب معنى أن يكون أسيرا لدى "حزب الله".

كان خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون ثم المقابلة التلفزيونية مع الزميل ريكاردو كرم عشية الذكرى المئوية لإعلان “لبنان الكبير” صورة حقيقية وواقعية عمّا آل إليه لبنان. كان خطاب رئيس الجمهورية أكثر من كاف لكشف الفراغ الكامل في السلطة من جهة، والفراق الكامل بينها وبين الواقع الأليم الذي يعيشه اللبنانيون من جهة أخرى.

كيف يمكن لرئيس الجمهورية اللبنانية إلقاء خطاب طويل، إلى حدّ ما، في ذكرى مئوية “لبنان الكبير” من دون الحديث الصريح عن المشكلة التي يعاني منها لبنان واسمها سلاح “حزب الله”؟ هذا هو السؤال الكبير الذي لا مفرّ من طرحه عندما يتحدّث رئيس الجمهورية في لبنان عن “دولة مدنيّة” ثمّة حاجة إلى قيامها، بديلا من الدولة القائمة حاليا والتي في أساسها اتفاق الطائف، بحسناته وسيئاته والذي يقرّ بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين. يثبت الطائف المناصفة بغض النظر عن التغيير الديموغرافي الذي حصل في البلد.

لا توجد خدمة يستطيع ميشال عون تقديمها إلى لبنان سوى خدمة الاستقالة من موقع رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولايته في آخر تشرين الأوّل – أكتوبر 2022. يفترض به أن يفعل ذلك احتراما للبنان واللبنانيين ولعقولهم، خصوصا بعد كارثة الرابع من آب – أغسطس الماضي التي يتحمّل مسؤوليتها كاملة. أقلّ ما يستطيع عمله رئيس الجمهورية، أي رئيس للجمهورية، بعد كارثة من هذا النوع هو الاستقالة بعدما دمر تفجير ميناء بيروت نصف العاصمة اللبنانية وشرّد ثلاثمئة ألف مواطن.

تخلّى عن حماية لبنان واللبنانيين. الانهيار الاقتصادي بالنسبة إليه، حدث عابر ليس إلّا. لا استيعاب لمعنى احتجاز المصارف أموال اللبنانيين والعرب والأجانب

من يراجع تاريخ ميشال عون يجد، للأسف الشديد، أنّ لا مكان لاعتذار من اللبنانيين على ما حلّ بهم. تلقّى رئيس الجمهورية في الواحد والعشرين من تموز- يوليو 2020  تقريرا رسميا يحذّر من الوضع في ميناء بيروت ومن وجود مواد خطيرة في عنابره. لم يفعل ميشال عون شيئا. تذرّع بعد ذلك، في تبرير عجزه، بأنّه لم يكن قادرا على تجاوز الهيكلية الإدارية ونزع فتيل الانفجار. نسي ميشال عون أنّه رئيس مجلس الدفاع الأعلى وأنّه القائد الأعلى للقوات المسلّحة وأنّه كان في استطاعته النزول بنفسه إلى ميناء بيروت لمعرفة طبيعة المواد الخطرة في عنابره.

يتحمّل رئيس الجمهورية المسؤولية الكاملة عن كلّ ما حدث في بيروت بعد تفجير الميناء. حصلت كارثة ليس بعدها كارثة إلّا إذا عدنا إلى هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية. تعرّضت المدينتان اليابانيتان لهجومين أميركيين بالسلاح النووي. استسلمت اليابان بعد ذلك. عرفت تماما أنّ ليس في استطاعتها الانتصار على أميركا وأنّ عليها دفع ثمن بيرل هاربور.

لا حاجة إلى العودة بعيدا إلى الخلف من أجل تأكيد كم تراجع لبنان ولماذا يصلح طرح أسئلة في شأن مستقبله بعد مئة سنة على إعلان “لبنان الكبير”. يكفي ما ورد في خطاب ميشال عون وفي الحديث التلفزيوني الذي تفضّل به للتأكّد من أن لبنان في حال يرثى لها. بدل وجود رئيس للجمهورية يتحدّث عن المستقبل وما هي تطلعاته إليه، نجد رئيسا للجمهورية يبرر عدم وجود الكهرباء في البلد على الرغم من أنّ حزبه يتولّى وزارة الطاقة منذ ما يزيد على عشر سنوات.

يقول ميشال عون إنّ هناك من رفض توفير التمويل لمشاريع الكهرباء. قد يكون ذلك صحيحا. لكن صحيح الصحيح أنّ صهره جبران باسيل رفض تمويل صندوق التنمية الكويتي لمشاريع الكهرباء في لبنان بقيود ميسّرة. ما رفضه جبران باسيل عمليا هو الشفافية لا أكثر ولا أقلّ. ما رفضه أيضا هو عرض شركة “سيمنز” الألمانية التي كانت مستعدة لتأمين الكهرباء للبنان، مثلما أمّنتها لمصر. هل لبنان أحسن من مصر كي يرفض التعاطي مع “سيمنز”؟

جاءت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى بيروت مع عدد كبير من رؤساء الشركات الألمانية من أجل مساعدة لبنان. يمكن القول بالطبع إن الشركات الألمانية كانت تبحث أيضا عن أسواق جديدة ومصالح خاصة بها. لكنّ ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام لماذا إصرار جبران باسيل على منع حصول اللبنانيين على الكهرباء في السنوات العشر الأخيرة؟ هل تعذيب اللبنانيين هواية، أم المطلوب زيادة الدين العام خمسين مليار دولار بسبب الكهرباء؟

بعد قرن على قيام “لبنان الكبير”، هناك من لا يزال يعتقد أنّ في استطاعته الضحك على اللبنانيين. هناك رئيس للجمهورية عاجز عن استيعاب معنى أن يكون أسيرا لدى “حزب الله” الذي أوصله إلى قصر بعبدا. أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية رهينة لدى “حزب الله” يشكّل دليلا على أن البلد انتهى. ما يؤكد ذلك الإصرار على تغيير طبيعة النظام بما يتلاءم مع رغبات “حزب الله”. هل يمكن القول بعد مئة عام على تأسيس الكيان اللبناني الحالي أنّ “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني خرج منتصرا على لبنان؟ نعم، يمكن قول ذلك، خصوصا إذا سارت الأمور في اتجاه تعديل اتفاق الطائف في ظلّ تفادي أي طرح للمشكلة الأساسية التي يعاني منها لبنان، أي سلاح “حزب الله”، وهو سلاح ميليشياوي ومذهبي. كيف يمكن التوصّل إلى اتفاق في شأن مستقبل لبنان في ظلّ سلاح “حزب الله” الذي أوصل ميشال عون إلى موقع رئيس الجمهورية؟

يتحمّل رئيس الجمهورية المسؤولية الكاملة عن كلّ ما حدث في بيروت بعد تفجير الميناء. حصلت كارثة ليس بعدها كارثة إلّا إذا عدنا إلى هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية

تخلّى رئيس الجمهورية اللبنانية عن واجباته تجاه لبنان واللبنانيين. تخلّى عن حماية لبنان واللبنانيين. الانهيار الاقتصادي بالنسبة إليه، حدث عابر ليس إلّا. لا استيعاب لمعنى احتجاز المصارف أموال اللبنانيين والعرب والأجانب. كم من سنوات سيحتاج لبنان كي يعود مصرف العرب وكي يستعيد ثقة العرب واللبنانيين بمصارفه ونظامه المصرفي؟

مخيف أن ليس في قمة الهرم اللبناني من يستوعب معنى الكارثة ومعنى أن الخيار الوحيد المتاح هو خيار “الحياد” الذي ينادي به البطريرك الماروني بشارة الراعي. أعاد البطريرك التذكير بأهمّية “الحياد” كي لا يعود لبنان مجرّد “ساحة” لإيران. لا وجود لرد من ميشال عون على الطرح المنطقي للبطريرك. لا يستطيع ذلك لسبب في غاية البساطة أن لبنان يحتفل بمرور مئة عام على قيامه بوجود رئيس للجمهورية مدين بوصوله إلى قصر بعبدا لإيران، ممثلة بـ”حزب الله” وليس لأي طرف آخر.

متى عرف ذلك، لا يعود هناك مجال لأي سؤال من أي نوع عن الكارثة التي حلّت بلبنان… كارثة الفراغ الكامل على أعلى المستويات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفراغ الكامل في لبنان الفراغ الكامل في لبنان



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 20:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 13:22 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق مطلوب بشكل رسمي في لبنان

GMT 23:25 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل ريال عماني الأحد

GMT 20:33 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

توقف حركة القطارات في الوجه القبلي إثر وقوع انفجار

GMT 02:51 2015 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

توقيف "تشكيل عصابي" نصب على شركات الرياض

GMT 15:53 2017 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

نادي "القادسية" يتعاقد مع الشنقيطي لمدة 4 مواسم

GMT 02:31 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

بلجيكا تحظر ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية

GMT 09:54 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أطباء برازيليون يستخدمون جلد السمك في علاج الحروق

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

هالة صدقي تبدأ تصوير "الضاحك الباكي" الأسبوع المقبل

GMT 20:21 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ليونيل ميسي يتفوق على كريستيانو رونالدو في استفتاء جديد

GMT 16:31 2014 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

"النخيل" أروع شواطئ البحر المتوسط في العريش

GMT 21:12 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

كاظم الساهر يحيي حفل الكريسماس في دبي

GMT 12:13 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الجنية المصري مقابل الشلن الصومالي الاثنين

GMT 09:34 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رسومات سرقت إعجاب كارول سماحة عن بشار الأسد وترامب

GMT 09:47 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : اسامة حجاج

GMT 02:46 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حديثة تكشف تأثير التأمل على أنشطة الدماغ
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq