عودة إلى لوكربي…
أخر الأخبار

عودة إلى لوكربي…

عودة إلى لوكربي…

 العراق اليوم -

عودة إلى لوكربي…

بقلم - خير الله خير الله

على إيران أن تقلق بعد صدور كتاب دوغلاس بويد. لا شيء يحدث بالصدفة في هذا العالم. في السنة 2018 لا بد من العودة إلى لوكربي وإلى الوقائع التي كان مطلوبا إخفاؤها في مرحلة معينة.ركاب الرحلة 103 من دفع الثمن

تثير العودة إلى فتح ملف لوكربي، أقله إعلاميا، أسئلة كثيرة. يرتبط السؤال الأوّل بالتوقيت. لماذا الآن ولماذا تبرئة نظام معمّر القذافي من تهمة تفجير الطائرة الأميركية في الجو يوم الواحد والعشرين من كانون الأوّل - ديسمبر من العام 1988.

انفجرت الطائرة من طراز “بوينغ747″ (جمبو) فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية بعد دقائق من إقلاعها من مطار هيثرو في لندن في طريقها إلى نيويورك في الرحلة الرقم 103. قتل كلّ من كان في الطائرة التابعة لشركة “بانام” من ركاب وأفراد طاقم (259 شخصا). كذلك قتل عدد أحد عشر شخصا من سكان البلدة التي سقطت أجزاء من الطائرة فوق أحد منازلها.

في ذكرى مرور ثلاثين عاما على فاجعة الرحلة الرقم 103، وهي أسوأ حادث طيران في تاريخ بريطانيا، أُعيد فتح الملف إعلاميا.

لم تعد ليبيا- معمّر القذّافي المتهمة، بل صارت إيران وذلك استنادا إلى كتاب صدر حديثا وأحدث ضجة. استند كاتبه دوغلاس بويد إلى تحقيقات أجراها وصل في نهايتها إلى نتيجة أن إيران كانت وراء كارثة لوكربي، وذلك بعدما أمر آية الله الخميني بـ”القصاص” من الولايات المتحدة التي أسقطت إحدى سفنها الحربية المبحرة في الخليج طائرة ركاب إيرانية بواسطة صاروخ. كانت الطائرة الإيرانية من طراز “آرباص” في رحلة عادية فوق الخليج عندما أطلقت السفينة الأميركية “فينسينز″ صاروخا في اتجاهها. كان ردّ فعل الخميني على المأساة التي وقعت في شهر تموز – يوليو 1988 أن أمر بالانتقام من الولايات المتحدة. كان مطلوبا إسقاط طائرة ركاب أميركية ردّا على إسقاط طائرة الركّاب الإيرانية فوق مياه الخليج.

لم يكن إسقاط الصاروخ الأميركي الطائرة الإيرانية، التي قتل كلّ من كان فيها، حدثا عابرا. لعبت الفاجعة الإنسانية التي تسبب بها الصاروخ والتي أودت بحياة مدنيين إيرانيين دورا في حمل الزعيم الإيراني على وقف الحرب مع العراق بعد ثماني سنوات من بدايتها. ففي آب – أغسطس 1988، أعلن الخميني عن تجرّع “كأس السمّ” وأمر بوقف إطلاق النار بعدما كان يشدّد على أن لا مجال لوقف القتال في أيّ ظرف من دون الاقتصاص من النظام العراقي الذي كان صدّام حسين على رأسه.

يتحدّث الكتاب الذي وضعه بويد تحت عنوان “لوكربي: الحقيقة” عن أسباب غامضة، تبيّن مع الوقت أنّها أكثر من واضحة، حملت الأميركيين والبريطانيين على التركيز على الدور الليبي في قضيّة لوكربي، وصولا إلى إدانة عبدالباسط المقراحي، وهو موظف في شركة الطيران الليبية بتهمة زرع العبوة التي فجرت الطائرة في الجوّ. استند الأميركيون إلى عميل ليبي ثانوي جدا لدى الـ”سي.آي. إي” لجمع أدلة تدين المقراحي عبر حقيبة ألبسة شُحنت من مالطا إلى فرانكفورت.

الهجوم تم بأمر مباشر من وزير الداخلية الإيراني الأسبق علي أكبر محتشميبور
الهجوم تم بأمر مباشر من وزير الداخلية الإيراني الأسبق علي أكبر محتشميبور
في الواقع، انطلقت رحلة الطائرة الأميركية من فرانكفورت في اتجاه نيويورك ولم تكن لندن سوى محطة توقفت فيها طائرة “بانام” قبل الانطلاق مجددا في اتجاه الولايات المتحدة. يؤكّد الكتاب أن المتفجرة زُرعت في الطائرة بعد توقفها في لندن، وأنّ الشخص الذي تولّى ذلك يدعى “أبوإلياس″ وقد استطاع اختراق النظام الأمني في هيثرو والوصول إلى حقائب الركّاب قبل نقلها إلى الطائرة وتحميلها فيها.

تراجعت الولايات المتحدة بعد العام 1990 عن توجيه أي اتهامات إلى النظام السوري أو إلى إيران. جاء التراجع بعدما كانت وكالة الاستخبارات الأميركية التابعة لوزارة الدفاع أعلنت في 1989 عن امتلاك كلّ الأدلة التي تشير إلى أن إيران وراء تفجير طائرة “بانام”، عبر وزير الداخلية الأسبق علي أكبر محتشميبور وأنّ المنفذ كان تنظيما فلسطينيا يدعى “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” قبض سبعة ملايين دولار من إيران. ليس هذا التنظيم المتخصص في التفجيرات، والذي على رأسه أحمد جبريل، سوى أداة تابعة للنظام السوري.

عزز الاتهام الموجه إلى “القيادة العامة” اعتقال مجموعة من نحو عشرين شخصا تابعة لها في فرانكفورت قبل بضعة أسابيع من جريمة لوكربي. ما لم يرد في الكتاب هو اسم قائد تلك المجموعة التي كانت تعدّ لزرع راديو ترانزيستور فيه متفجرات في طائرة ركاب أميركية. كان قائد المجموعة يدعى حافظ دلقموني، وهو خبير متفجرات لدى أحمد جبريل. نشرت صحف عدّة اسمه في حينه. اكتفى دوغلاس بويد بالإشارة إلى أن خبير المتفجرات كان وقتذاك مروان خريسات. تجاهل دلقموني الذي اختفى اسمه من الأخبار.

جعلت السياسة الولايات المتحدة وبريطانيا تتجاهلان إيران والنظام السوري وأحمد جبريل فجأة وتصوبان على معمّر القذافي. بعد الاحتلال العراقي للكويت في صيف العام 1990، صارت هناك حاجة إلى استبعاد أحمد جبريل و”القيادة العامة” لأسباب سورية. فأحمد جبريل لا يمكن أن يُقْدم على أيّ عمل من دون النظام السوري.

كلّ ما في الأمر أنّ رئيس النظام السوري الراحل حافظ الأسد قرر المشاركة عسكريا في “التحالف الدولي” من أجل إخراج صدّام حسين من الكويت. في الوقت ذاته، رفضت إيران تقديم أي مساعدة من أيّ نوع للعراق في أثناء احتلال الكويت، لم تعد هناك مصلحة أميركية في اتهام إيران أو أداة سورية في قضيّة لوكربي. على العكس من ذلك، صار مطلوبا مكافأة إيران التي راح صدّام حسين يتقرّب منها معتقدا أنّها ستنضم إليه في مواجهة القوات الأميركية في حال حاولت إخراجه من الكويت!

أكثر من ذلك، قبض النظام السوري سلفا ثمن مشاركته في حرب تحرير الكويت في لبنان. سُمح له بوضع اليد على البلد ودخول قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللذين كانا في مثل هذه الأيّام من العام 1990 تحت سيطرة الجنرال ميشال عون رئيس الحكومة المؤقتة التي تشكلت إثر انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل. ما سهلّ الأمور على الأميركيين أن ميشال عون (الرئيس الحالي) كان متحالفا وقتذاك مع صدّام حسين العدو اللدود لحافظ الأسد.

إذا كان من درْس يمكن استخلاصه من كتاب “لوكربي: الحقيقة”، فهذا الدرس هو أن مصالح الولايات المتحدة تتجاوز في أحيان كثيرة القيم التي تفرض إحقاق العدل كما حصل مع إيران بعد لوكربي… أو تجاهل استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي كما حصل صيف العام 2013.

لا شكّ أن على إيران أن تقلق بعد صدور كتاب دوغلاس بويد. لا شيء يحدث في الصدفة في هذا العالم. في السنة 2018 لا بدّ من العودة إلى لوكربي وإلى الوقائع التي كان مطلوبا إخفاؤها في مرحلة معينة وإلى إلباس معمّر القذافي التهمة. الأكيد أن القذّافي رحب في البداية بلعب دور من يقف وراء إسقاط طائرة ركاب أميركية.

الرجل ارتبط بعلاقة في العمق مع النظام الإيراني الجديد منذ ما قبل تولّي الخميني السلطة في 1979، كذلك مع النظام السوري وأحمد جبريل. كانت هناك شراكة ليبية – سورية – إيرانية طوال مرحلة طويلة. كان هناك تبادل للأدوار بين الأطراف الثلاثة. كان ركاب الرحلة 103 بين من دفع ثمن هذه الشراكة، كذلك ثمن الرغبة الأميركية في مراعاة النظام السوري وإيران. وحدها الأيام الآتية ستكشف هل تغيّر شيء في واشنطن أم لا؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة إلى لوكربي… عودة إلى لوكربي…



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 02:09 2013 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

سكان جانت إيليزي يجددون العهد مع إحياء عيد سبيبا

GMT 01:32 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

يسرا عبد الرحمن تكشف عن إكسسوارات صيف 2017

GMT 01:51 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

لوحة لفنان مجهول تحول صاحب عقار في لندن إلى مليونير

GMT 10:43 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

دودج تعرض 17 فئة مختلفة التصميم في 2019

GMT 13:02 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

تونسية تُتوج ملكة جمال العرب لعام 2017

GMT 17:46 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

"سان جيرمان" يستهدف نجم تشيلسي لتعويض "نيمار"

GMT 13:38 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة ريهام فايق تنتهي من تصوير كليبها الجديد "انت مين"

GMT 09:48 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

انبي يعلن عن انضمام صلاح محسن للأهلي

GMT 06:53 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

متجر "فاشي" في لندن يتيح تصميم المجوهرات حسب الطلب

GMT 03:19 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

يارا تسحر الجمهور بالقفطان المغربي خلال إحياء حفل زفاف

GMT 14:48 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

جبل جليدي 4 أضعاف حجم لندن يبدأ بالإنجراف نحو البحر

GMT 14:25 2013 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

انطلاق منظومة الصفقات العمومية على الخط "تونابس" رسميًا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq