ميشال عون والتصالح مع الواقع
أخر الأخبار

ميشال عون والتصالح مع الواقع

ميشال عون والتصالح مع الواقع

 العراق اليوم -

ميشال عون والتصالح مع الواقع

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

ما هو لبنان الذي لم يبق منه شيء في نهاية المطاف؟ هو مصرف ومستشفى وجامعة ومدرسة وفندق وخدمات وسياحة وصحف ومجلات ومحطات تلفزيونية الأكيد أنه ليس شيئا آخر غير ذلك.

ليس معروفا بعد لماذا إضاعة مزيد من الوقت في لبنان في حين يقول المنطق إن أيّ تأخير في تشكيل الحكومة، في ضوء تكليف سعد الحريري تشكيل حكومة، يجعل إنقاذ ما يمكن إنقاذه أقرب من مهمّة مستحيلة.

في النهاية، يلعب الوقت في غير مصلحة لبنان حيث لم يعد مجال للتذاكي من جهة وحيث الحاجة إلى استيعاب أنّ الأسس التي قام عليها البلد لم تعد قائمة من جهة أخرى. جرى تهديم هذه الأسس بطريقة منظمة ومدروسة في السنوات الأخيرة بدءا بتكريس وجود سلاح غير شرعي في يد ميليشيا مذهبية اسمها “حزب الله” تابعة لإيران. تحوّلت هذه الميليشيا، التي يحرص كثيرون على التغاضي عنها وتجاهل دورها إلى رمز للدولة اللبنانية، علما أنّها لعبت الدور الأساسي في القضاء على مؤسسات الجمهورية، التي كانت سعيدة في يوم من الأيّام. قضت عليها الواحدة تلو الواحدة تلو الأخرى.

ما هو لبنان الذي لم يبق منه شيء في نهاية المطاف؟ هو مصرف ومستشفى وجامعة ومدرسة وفندق وخدمات وسياحة وصحف ومجلات ومحطات تلفزيونية. الأكيد أنّه ليس شيئا آخر غير ذلك. لذلك يبدو طبيعيا التساؤل هل بقي شيء من لبنان بعد كلّ ما تعرّض له أخيرا، خصوصا في ضوء انهيار النظام المصرفي وزلزال تفجير مرفأ بيروت وتدمير جزء من العاصمة.

أسوأ ما في الأمر أنّ هناك من يرفض أخذ العلم بالذي يشهده لبنان منذ بداية “عهد حزب الله”، أي منذ انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية قبل أربع سنوات. لا حاجة إلى تكرار أن نهاية لبنان بدأت مع اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005. قضى الذين اغتالوا رفيق الحريري ورفاقه وشخصيات لبنانية أخرى مؤثرة، من سمير قصير إلى محمّد شطح، على المحاولة الوحيدة التي استهدفت إعادة الحياة إلى لبنان وإلى بيروت بالذات. قضوا على بيروت كي لا تكون منطلقا لجعل مشروع التنمية والإعمار يعمّ كلّ البلد، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.

بدل إضاعة الوقت والاعتقاد أن في الإمكان تصفية الحسابات مع الآخرين، كان يفترض برئيس الجمهورية ميشال عون التفكير بطريقة في غاية البساطة. بدل الاعتقاد أن عهده يستطيع تجديد شبابه في السنتين الأخيرتين منه، ليس عيبا الاعتراف بأنّ هذا العهد انتهى، بل انتهى باكرا. انتهى العهد يوم سرقت المصارف أموال اللبنانيين والعرب والأجانب. انتهى العهد مع تفجير المرفأ الذي هو رمز من رموز لبنان وازدهاره ودوره الطليعي في المنطقة. فالمرفأ رمز من رموز انفتاح لبنان على العالم بشرقه وغربه من دون عقد من أيّ نوع كان ومن دون شعارات “المقاومة” و”الممانعة” التي يرفض رئيس الجمهورية الاعتراف بمدى خطورتها على لبنان.

عندما يكون العقل اللبناني الموجود في السلطة أسير عقد الماضي وغياب الحدّ الأدنى من المعرفة بما يدور في المنطقة والعالم، لا يعود مستغربا إلقاء رئيس الجمهورية خطابا يعتبر فيه أن عليه الانتقام من تكليف الأكثرية النيابية سعد الحريري تشكيل حكومة هزيمة له. قرّر الرد على هذه الهزيمة بوضع العراقيل أمام سعد الحريري. من هو الطرف الذي ينتقم منه رئيس الجمهورية؟ هل يريد بذلك الانتقام من لبنان الذي يحتاج أكثر من أيّ وقت إلى حكومة اختصاصيين ينصرفون إلى إقرار الإصلاحات المطلوبة؟

ثمّة من سيقول إن سعد الحريري ليس اختصاصيا، بل هو شخص سياسي. الردّ على ذلك في غاية البساطة. إن موقع رئيس مجلس الوزراء في لبنان هو موقع سياسي، من الأفضل أن يتولاه سياسي كي لا يشعر أهل السنّة بالغبن، ولكن ما العمل عندما تكون لدى رئيس الجمهورية رغبة في وضع نفسه فوق الخلافات وجعل رئيس مجلس الوزراء يتلهّى بمعارك جانبية يخوضها سياسي في مستوى جبران باسيل.

بعض التبسيط للأمور أكثر من ضروري. يعني تبسيط الأمور أن لبنان، حيث أخذ “الثنائي الشيعي” على عاتقه التفاوض مع إسرائيل لتأكيد أنّه الطرف الوحيد القادر على تغطية القرارات الكبيرة في البلد، لا يتحمّل محاولة جديدة لعرقلة تشكيل الحكومة.

يعني التبسيط أيضا أن لا مفرّ من حصول ذلك سريعا كي تباشر الحكومة الإصلاحات المطلوبة وكي تتمكن من التفاوض مع صندوق النقد الدولي. إلى إشعار آخر لا وجود لباب يطرقه لبنان غير باب صندوق النقد الدولي في حال كان مطلوبا الحصول على مساعدات تعيد بعض الحياة إلى الاقتصاد.

ما لا يمكن تجاهله أنّ الكلام الكبير عن الفساد لا يخدم رئيس الجمهورية ولا حزبه. يكفي فتح ملفّ الكهرباء للتأكد من ذلك. كذلك، يكفي رقم الزيادة التي طرأت على الدين العام، وهو رقم تسببت به الكهرباء التي يتولّى “التيّار العوني” مسؤولياتها وملفاتها منذ العام 2008 عبر وزرائه المعروفين، في مقدّمهم جبران باسيل.

لا كهرباء في لبنان بسبب “التيّار العوني”. لماذا يرفض رئيس الجمهورية الاعتراف بذلك والاعتراف أيضا بأن من عطّل مؤتمر “سيدر”، الذي انعقد في نيسان – أبريل 2018، كان وزراء “التيّار العوني” بغطاء من “حزب الله” الذي لم يكن لديه أي همّ اسمه لبنان في يوم من الأيّام.

كلّ ما يحدث في لبنان حاليا عودة إلى ممارسات لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالواقع القائم. بغض النظر عمّن يشكّل الحكومة، لا مفرّ من أن تكون هذه الحكومة حكومة اختصاصيين وتعمل من أجل تنفيذ إصلاحات معيّنة محدّدة تحدّث عنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في اتصاله الأخير برئيس الجمهورية. كان الهدف من الاتصال تأكيد أن الإدارة الأميركية تركّز على الإصلاحات وعلى تشكيل الحكومة سريعا. كان دعوة إلى رئيس الجمهورية من أجل التصالح مع الواقع.

ليست المسألة مسألة تصفية حسابات لبنانية – لبنانية صغيرة. ليس الوقت وقت الرهان على جبران باسيل كرئيس مقبل للجمهورية. صار جبران باسيل جزءا من الماضي، خصوصا في مرحلة التفاوض مع إسرائيل وحاجة “الثنائي الشيعي” إلى غطاء سنّي بعدما استهلك الغطاء المسيحي الذي أمّن لـ”حزب الله” المطلوب منه تأمينه. أمّن له قبل كلّ شيء متابعة انتصاراته على لبنان، وهي انتصارات توجت بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في وقت صار البلد مفلسا وبائسا يبحث فيه المواطن العادي عن حبّة “بنادول”.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميشال عون والتصالح مع الواقع ميشال عون والتصالح مع الواقع



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 17:01 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تواجهك أمور صعبة في العمل

GMT 03:08 2016 الثلاثاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أشهر قناص بريطاني في العراق يروي قصته مع الحروب

GMT 11:26 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

المدعية العامة لنيويورك تقاضي شركة "أمازون"

GMT 08:59 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

عبدالرحمن خلف يتوج بذهبية بطولة روسيا للتايكوندو

GMT 09:15 2018 الجمعة ,17 آب / أغسطس

والد إرهابي سعودي يساعد في القبض على نجله

GMT 06:11 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

بيونسيه أنيقة خلال وجودها على متن طائرة خاصّة

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كلوب يكشف سبب استبدال محمد صلاح في مواجهة روما

GMT 03:02 2018 السبت ,21 إبريل / نيسان

الشاي الأخضر يجعل صحتك أفضل ووزنك أقل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq