وإن قالوا «كلامَ جرائد»

وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

وإن قالوا «كلامَ جرائد»!

 العراق اليوم -

وإن قالوا «كلامَ جرائد»

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

كان "أبو عدنان" مغرماً بسيرة فروسية "أبو زيد الهلالي"، وعنترة بن شدّاد، وفيها لعبة فرسان تسمى "الجريد"، التي لم أفهم في طفولتي ماذا تعني غير صيحة "هل من مُبارز؟ هل من مُناجز؟".

حسب صديقي عامر بدران، فإن "جريدة" تعني سعفة النخيل الطويلة" أو "فرقة فرسان دون مشاة"، فإلى العام 1907 حيث أطلق أحمد لطفي السيد على مطبوعته اسم "الجريدة".
للجرائدِ اسمٌ ثانٍ، هو "الصحف"، وهو لا يقل قِدَماً وعراقة عن إحياء لعبة "الجريد" الفروسية، لأنه ورد في القرآن الكريم: "إنّ هذا لَفِي الصُحفِ الأولى صُحفِ إبراهيمَ وموسى" كنايةً عن الكتب السماوية. الآن يقولون: "صُحف صفراء" و"كلام جرايد"، حتى قبل الجيل الأول من اختراع الهاتف النقّال؟
أُتابع تدوينات الزميل عماد الأصفر على "الفيسبوك" عن تاريخ الإعلام الفلسطيني، ومن قبل مسلسله الثالث هذا، تابعت تدويناته عن "بغداديات" و"الشام كما عرفتها"، ومسلسلاته الثلاثة ستجمع في دفّتي كُتب، وما "الجرائد" و"الصحف" إلاّ أحد فروع الإعلام، وكانت رئيستها وأضحت من هوامشها، لصالح الجيل الثالث، والرابع.. ثم الخامس من الهاتف النقّال، وقنوات التلفاز العربية الحديثة، الغنية والمطواعة، أحيت استخدام "الجريدة" و"الصحيفة"، كما أحيت استخدام "السيارة" وكانت، في الأصل، تُطلق على سير قافلة من النوق والبعير.
الصحف واكبت واستفادت من تطوّر الطباعة اليدوية إلى الرقمنة الإلكترونية، لكننا صرنا في بداية عصر يطبع فيه الحاسوب كلامك في حروف، ويتطلع في مستقبل غير بعيد لطباعة أفكارك. في اليوم التالي، تقرأ في الصحف أخبار البلاد والعالم، لكنك تراها صوراً حيّة في الزمن الحقيقي على قنوات التلفاز.
من التوابع الأرضية، أو الأقمار الصناعية، ترى توقعات تقلبات الطقس في أسبوع.. ولكن مرفقة بعبارة: "الله أعلى وأعلم"، التي لا تقرؤها في نشرة الطقس اليومية بالصحف.
زمان، كانت مجلة أسبوعية ذات اسم "آخر ساعة"، وكانت مجلة أخرى مصرية، أيضاً، ذات اسم "المصوّر"، وإلى الآن تنشر جريدة "الأيام" ترويسة باسم "آخر ساعة" كنت قد قرأتها، خبراً وصورة، في الزمن الحقيقي إما بنشرة أخبار محطات الإذاعة، أو على قنوات التلفاز مثلاً.
مع ذلك، أن تسمع تحليلات القنوات للأخبار، غير أن تقرأها بإمعان ورويّة في الصحف، وأن "تؤسطر" مقالاتك بالقلم غير أن "تنقرها" على مفاتيح الحاسوب، لأنه "ليس من رأى كمن سمعا".
إلى ذلك، ليس في القنوات والإذاعات ما في الصحف من تسليات تفيد في تزجية وقت الفراغ، وكذا في تنمية الذكاء، مثل الكلمات المتقاطعة على أشكالها المختلفة، وهذا واحد من أسباب قراءتي لجريدتي اليومية، فهي رياضة عقلية قد تحميك من "الخرفنة" مع تقدمك في السنّ، أو ما صار يُدعى "زهمرة"، ولا تقلّ أهميّة عن رياضة بدنية معتدلة في عمر متقدم، أو لعب الشدّة والشطرنج وطاولة الزهر!
هناك من يسخر من أن فائدة الجرائد صارت تنظيف الزجاج وتلميعه. حسناً، لعود الثقاب استعمالات جانبية غير إشعال النار مثلاً.
لا شيء يحميك من أرقِ السهاد أكثر من قراءة خفيفة ومسلّية، بما فيها حلّ الكلمات المتقاطعة.
الصحف المرتجعة، غير المباعة، يُعاد تدويرها، وعندما تتراكم الجرائد عندي، أعطيها لأولاد جاري من طلاب كليات التصميم. أعرف أن ثمن ورق الصحيفة يفوق سعره إن استخدمت مسوّدة فارغة من الأخبار والصور ليتمرّن عليها تلاميذ المدارس، قبل الامتحانات، في حلّ مسائل الفيزياء والكيمياء والرياضيات، وتردم الصحف الفارق بين كلفة الورق الخام وكلفة الصحيفة المطبوعة من إيرادات الإعلانات التجارية.
الصفحة الأولى للصحف اليومية هي للأخبار، ونقرؤها سريعاً ولماماً بعد أن تكون سمعتها أو رأيتها في اليوم السابق، لكن قارئاً فاتته مشاهدة مباريات كرة القدم، قد يقرأ عنها في صفحات الرياضة، وقارئاً تشتّت ذهنه في تحليلات سياسية على قنوات التلفاز، قد يقرؤها متمعّناً في صفحة الآراء، ونقلاً عن صُحُفٍ عالميةٍ أخرى.
قارئ لم يقرأ كتاباً ما، قد يقرأ في الجريدة عرضاً أو نقداً لكتابٍ شهيرٍ، أو عن فيلمٍ ما فاز بجائزةٍ سينمائيةٍ ما.
طُوِيَ زمن البرقيات و"التلغراف"، ثم زمن "التليكس"، وعمّا قريب زمن "الفاكس"، لكن زمن الصحف اليومية لم يُطوَ بعد، وإن تغيّر إلى الصحف الإلكترونية.
نعم، الصحف "مسيّسة" أحياناً، أو غالباً، لكن المواقع كذلك في وسائل الاتصال الحديثة. وخاصة على "الفيسبوك"، حيث تبدو الصحف أكثر موضوعيّةً وفائدةً وتنوُّعاً أحياناً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وإن قالوا «كلامَ جرائد» وإن قالوا «كلامَ جرائد»



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:54 2018 الأربعاء ,30 أيار / مايو

تعرف على "أهل الدثور" وأسباب دخول الجنة

GMT 10:07 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

Incredible Things عطر ساحر من نفحات الأخشاب الطبيعية

GMT 18:46 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

صلاح يفك عقدة لازمته منذ 2014 في كأس الاتحاد الإنجليزي

GMT 21:25 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"كلام ستات" يناقش مبادرة "بدّلها بفضة" لتسهيل الزواج

GMT 02:06 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفخم الفنادق في مدينة هونغ كونغ الصينية

GMT 04:13 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

"ديكورات" مشرقة في شقّة جون بون جوفي الـ"دوبلكس"

GMT 01:13 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

أبوالفتوح تكشف فوائد تناول الردة خلال الوجبات

GMT 03:36 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

تناول المكسرات يساعد على استقرار مستويات السكر

GMT 01:21 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

شاكيرا تستعد لإحياء حفلة غنائية في إسرائيل

GMT 22:07 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

سائق حافلة ركاب في إسبانيا يرفض صعود منقبة للحافلة

GMT 00:14 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

سعر الريال السعودي مقابل دينار كويتي الجمعة

GMT 05:14 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

تعاون "فوكس" و" ديزني" يكشف عن تقاعد "مردوخ" أم خطة جديدة

GMT 12:17 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاح استئصال ورم من بطن سيدة في جازان وزنه 5 كيلو جرام

GMT 07:35 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

سلام العمري تبدع في صناعة الشموع بطرق مختلفة جذابة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq