بقلم : حسن البطل
على جرف جبلٍ ما، في ولاية أميركية ما، نحتوا رؤوساً عملاقة لأربعة أو خمسة من الرؤساء العظام للولايات المتحدة.
أكيد أن الرئيس المؤسّس جورج واشنطن واحدهم، وعلى الأغلب بنجامين (بنيامين) روزفلت، لأنه أحد مؤسّسي الولايات المتحدة، ورسمته موجودة على فئة الـ (100) دولار، ربما تقديراً له، بوصفه عالم فيزياء، اكتشف أن البرق والرعد له علاقة بكهرباء الجوّ، واخترع له «مانع صواعق» بسيطاً، كان بداية عصر الكهربة.
هو الرئيس السادس، وبدءاً من اليوم (الثلاثاء ثالث أيام شهر تشرين الثاني) المسمى في الديمقراطية الأميركية «الثلاثاء الكبرى» سنعرف من يكون الرئيس الـ (46).
الرئيس السادس بنجامين (بنيامين) روزفلت انتخب في العام 1789، لكن تكريس «الثلاثاء الكبرى» موعداً مضروباً لانتخاب الرؤساء عمره 168 سنة، إذ بدأ في العام 1848.
على جرف الجبل نحتوا رأسه، وعلى عملة المائة دولار رسموا صورته كأحد الذين أرسوا عصر الكهرباء. ماذا يعنينا كفلسطينيين؟ في الطقس السيئ كان أبي وأمي يرفعان هذا الدعاء؛ «يا لطيف اجعل للبلاء تصريف»؟
صار البلاء هو تحالف إدارة الرئيس (45) مع حكومة إسرائيلية، يُعرف بتحالف الصهيونية الدينية من أتباع الإنجيليين الأميركيين مع اليهود التوراتيين.
هل تصدقون أن الرئيس السادس، وأحد مؤسّسي الولايات المتحدة، وعالم الفيزياء كان «لا ساميّاً»، إذ يُنسب إليه قوله: «هناك خطر عظيم يهدّد الولايات المتحدة، ذلك الخطر هو اليهود».
هذا، قبل تأييد نابليون بونابرت لإقامة وطن لليهود في فلسطين، وقبل وعد بلفور، وسايكس ـ بيكو. ماذا بعد إقامة إسرائيل؟ يُنسب إلى الرئيس جون كنيدي، أول رئيس كاثوليكي قوله: «الانحياز الأميركي لإسرائيل يهدّد أميركا والعالم بأَسره».
إن فاز جو بايدين سيكون ثاني رئيس كاثوليكي، كما كان باراك أوباما، أول رئيس أسود. ترامب ومنافسه بايدن عجوزان يتناقران حول «كورونا» والبطالة والاقتصاد، وليس حول إسرائيل وفلسطين، لكن في انتخابات سبقت فاز بها أوّل رئيس أسود، ادّعى منافسه، بطل حرب فيتنام، جون ماكين، أن منافسه الذي يحمل في اسمه الأوسط (حسين) هو مؤيد لحركة حماس، مع أنه أكثر رؤساء أميركا دعما لأمن إسرائيل، حتى فاقه في ذلك الرئيس ترامب على كل صعيد: أمني وسياسي واقتصادي.
اليوم، «الثلاثاء الكبرى»، ويتوعد ترامب بمفاجأة تقلب التوقعات، كما مفاجأة فوزه العام 2016، على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي فازت بغالبية 3 ملايين صوت، ثم خسرت في المجمع الانتخابي حيث أحرز ترامب 304 أصوات مقابل 227 صوتاً، وهذا من غرائب الديمقراطية الأميركية.
هناك طرافة في اقتراع «الثلاثاء الكبرى» ثالث أيام شهر تشرين الثاني وهي سارية منذ 168 سنة. ما هي؟.
كانت أميركا مجتمعاً زراعياً، قبل أن تصير ما هي عليه الآن. كان على الناخبين أن يجرُّوا عربات الأحصنة إلى مراكز الاقتراع يوماً للوصول، ويوماً ثانياً للاقتراع، ويوماً ثالثاً للعودة، فلا يتبقّى من أيام الأسبوع السبعة سوى يومي الثلاثاء والأربعاء، وهذا الأخير هو يوم السوق، وبيع «بوشلات» مواسم الذرة الوفيرة، عندما كانت الذرة أهمّ مواسم الاقتصاد الزراعي.
بقي يوم الثلاثاء الكبير، لكن أدخل عليه تعديل هو الاقتراع بالبريد والانتخاب المبكر، الذي يبدو كثيفاً هذه المرة، ولصالح المنافس الديمقراطي، ما يخشاه ترامب، ويطالب باحتساب التصويت المباشر، اليوم، لأن فرز أصوات البريد سيتأخّر أسبوعاً إلى عشرة أيام.. من البلبلة!
ستكون هناك «عشرة أيام» درامية تهزّ أميركا والعالم، كما هزّته ثورة أكتوبر البلشفية، وكتاب الأميركي جون ريد عنها.
باستثناء فشل الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، والرئيس الجمهوري جورج بوش الأب في ولاية ثانية، فإن الأميركيين اعتادوا انتخاب الرؤساء لولاية ثانية، ولا يريد ترامب أن يكون ثالث الفاشلين في تولّيها.
الأميركيون وإسرائيل والعالم.. والفلسطينيون، أيضاً، يعتبرون أنها انتخابات مصيرية، وهي لعلها «أوسخ» انتخابات في المناقرة الشخصية، وبالذات من جانب الرئيس ترامب، الذي يدير حملته الشخصية على منافسه كغوغائي وحتى «كبلطجي»، ومتسلّحاً بشطارته في لغة الجسد، والإلقاء السينمائي الدرامي، والتهويش اللفظي في قلب الحقائق.
كان أبي في الطقس السيئ يدعو: «يا لطيف اجعل للبلاء تصريف» ورئيس الحكومة الفلسطينية يقول عن فوز محتمل لترامب: «كان الله في عون فلسطين وأميركا والعالم».
إن فاز بايدن لن يكرر ما قاله المخترع روزفلت أو جون كنيدي، لكن فلسطين سوف تتنفّس من ضغط ركبة الإنجيليين والتوراتيين على رقبتها!
***
في ذروة الحرب الباردة، كانت حملة مكارثية في أميركا. السيناتور ماكارثي قرأ ورقة عن نشطاء الشيوعيين في أميركا.. كانت الورقة تحوي مطالب زوجته من الخضراوات والفواكه.