قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب ٤

قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب (٤)

قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب (٤)

 العراق اليوم -

قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب ٤

بقلم - عماد الدين أديب

أزمة ترامب أنه لا يريد مستشارين يشيرون عليه، أو فريقاً رئاسياً يضع له البدائل والحلول، بل هو يريد «موظفين يدينون بالولاء المطلق له».

ولعل حوار ترامب مع السيناتور جراهام حول مسألة الولاء يوضح بالضبط أسلوب ترامب فى الإدارة:

ترامب: يا عزيزى أنا أريد دعمك لى.

جراهام: أنا معك يا فخامة الرئيس.

ترامب: لكن دعمك هذا لى بنسبة 82٪، إنه غير كامل!

جراهام: لا أفهم، ماذا تريد بالضبط؟ أنا دائماً معك.

ترامب: لا، أنا أريد دعمك بنسبة مائة فى المائة! دعم غير منقوص!

جراهام: ليس مفيداً أن يحاط الرئيس برجال يوافقونه دائماً وأبداً على كل شىء، بل من المهم أن يكون له رجال مخلصون يستطيعون أن ينصحوه، ويصححوا له الأمور إن لزم الأمر!

انتهى الحوار واعتبر ترامب أن هذا السيناتور ليس موالياً له.

يرى «بانون، وتيلرسون، ومايك مانافورت» وكثير ممن عملوا مع ترامب أن الرجل لم يفرق حتى الآن بين موظفى البيت الأبيض الذين يعملون لدى الدولة ويخدمون مصالح دافع الضرائب الأمريكى وبين موظفيه فى شركاته الخاصة.

لذلك يتوقع ترامب وما زال أن يدين له مساعدوه فى أى مستوى من مستويات العمل الحكومى بالطاعة المطلقة، والانصياع الكامل، والاستعداد الدائم لفعل أى شىء يخالف القانون لدرء أى خطر أو محو أى خطأ يرتكبه!

هذا المنطق جعل ترامب أكثر رئيس أمريكى فى التاريخ المعاصر يقوم بفصل وتغيير أكبر عدد من المساعدين والموظفين الحكوميين فى أول عامين من رئاسته.

كان على ترامب أن يملأ 4 آلاف منصب جديد فى إدارته الجديدة، وظل بعضها لم يتم ملؤه حتى الآن لأنه ببساطة لم يكن مستعداً كى يقود هذا البلد وهذا الجهاز الديمقراطى الفخم.

ويبدو من فصول الكتاب الخطأ الجوهرى الذى يعانى منه ترامب فى اختيار مساعديه:

إنه توظيف عاطفى، تلقائى غير مدروس، لا يعبر عن رؤية، ولا يهتم بضرورة تجانس الفريق الحكومى.

هذا الأمر أزعج كبير موظفى البيت الأبيض وجارى كوتشنر زوج ابنة الرئيس، وستيف بانون الذى ناله ما ناله من هذه العشوائية فى الاختيار.

كان أبلغ حالة من حالات عدم التجانس فى الفريق الحكومى، هو اختيار كل من ركس تيلرسون والجنرال ماتيس لمنصبى وزيرى الخارجية والدفاع.

كان «ريكس تيلرسون» من رجال الأعمال فى مجال النفط، عمل لمدة 40 عاماً فى شركة «إيكسون موبيل» العملاقة وشغل فيها منصب رئيس مجلس إدارتها لمدة عشر سنوات.

عالم «تيلرسون» هو عالم صفقات وبيع وشراء وعمولات وكيفية إنجاز البيزنس عبر قنوات خلفية، ما أتاح له شبكة علاقات خاصة قائمة على المصالح، إلا أن الرجل لم تكن له الخبرة التقنية للدبلوماسى المحترف.

كانت أقوى علاقات «تيلرسون» الشخصية مع «فلاديمير بوتين» فى مجال النفط والغاز، حتى إنه منحه وسام الصداقة الروسى عام 2012 نظراً لـ«جليل خدماته لروسيا».

وكانت العلاقة الثانية القوية مع دولة قطر والعائلة الحاكمة فيها، حيث بلغ حجم شبكة مصالح إيكسون موبيل و«تيلرسون» شخصياً حداً يتجاوز «المعتاد والمقبول».

وقد تُرجم ذلك فى موقف «تيلرسون» المتعاطف مع الدوحة فى أزمتها مع دول التحالف العربى.

أما الجنرال ماتيس فهو جنرال ينظر له على أنه بطل ميدانى فى كل من العراق وأفغانستان، يجمع بين القدرة القتالية الميدانية والرؤية الاستراتيجية المنهجية.

كان «ماتيس» يؤمن بأن إدارة أوباما هى أكثر من ألحق الضرر بالمكانة الاستراتيجية لقدرة أمريكا العسكرية فى العالم بسبب سياسة «درء الأخطار وترك الفراغ الاستراتيجى كى تملأه روسيا وأعداء الولايات المتحدة وعلى رأسهم روسيا وإيران وحزب الله والطالبان وداعش والقاعدة»، على حد توصيف الجنرال فى وثائقه وتوصياته المكتوبة.

لم تتفق رؤية «ماتيس» مع إدارة أوباما، لذلك تم إعفاء الرجل من خدمته العسكرية 6 أشهر مبكراً عن موعده الرسمى للتقاعد.

كانت نقطة الخلاف والتفجير بين «ماتيس وتيلرسون» هى «إيران».

كان «ماتيس» يرى أن إيران هى الخطر الإقليمى وأن الصين وليس روسيا هى الخطر المقبل وأن واشنطن يجب أن تعود لأبحاثها النووية وتطوير أسلحتها بقوة وسرعة.

من هنا كان «ماتيس» يتفق مع ترامب على ضرورة فك ارتباط الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى الذى أتاح لطهران فرصة «الانتشار الإقليمى فى المنطقة من العراق إلى سوريا ومن اليمن إلى لبنان، ومن أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا السوداء».

أما «تيلرسون» فقد كان يؤمن إيماناً خالصاً أنه من الخطأ أن تخرج الولايات المتحدة من اتفاق دولى شاركت فى كل مراحل صياغته ووقعت عليه ويضاف إلى ذلك أن «تيلرسون» كان يصدق تماماً التقارير الدولية عن أن إيران لم تخرق بنود الاتفاق وأنها ملتزمة به بشكل كامل.

حاول «تيلرسون» عدة مرات تعطيل أو إثناء ترامب عن قراره الخاص بالخروج من الاتفاق النووى إلا أن ترامب كان شديد الإصرار بشكل لا رجوع عنه فى البحث عن أى مخرج لإثبات أن إيران خالفت الاتفاق.

وجاء الصدام بين الرجلين حينما حان وقت التوقيع الأمريكى على تجديد الاتفاق قبل 90 يوماً من تاريخ التجديد كما ينص الاتفاق.

وجاء حوارهما كالآتى:

ترامب: لن أوقع على تجديد هذا الاتفاق السيئ للغاية (وصفه بكلمة غير لائقة).

تيلرسون: ولكن إيران لم تخالف الاتفاق وبنوده!

ترامب: هذا هراء! هذه المسألة مسألة مبدأ لا رجوع عنها، هذا أسوأ اتفاق وقعته الولايات المتحدة فى تاريخها المعاصر.

تيلرسون: ولكن يا فخامة الرئيس..

ترامب: لا تأت لى مرة أخرى بهذا الهراء وتحاول إقناعى بالتجديد.

تيلرسون: سيدى أنت رئيس البلاد، أنت صاحب السلطة الشرعية، قل لى بالضبط ماذا تريد من إيران وأنا سوف أنفذ حرفياً (!!).

ورغم أن الثلاثى «تيلرسون وبريبوس والجنرال ماكمساتر» كانوا يؤمنون بقوة بعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق إلا أن «تيلرسون» خرج على العالم ليردد ليل نهار: لقد خالفت إيران الاتفاق.

بالمقابل كان لـ«ماتيس» خطة مكتوبة منذ عهد أوباما لمواجهة أى نشاط عسكرى إيرانى تبدأ بضرب الزوارق العسكرية الإيرانية الصغيرة فى الخليج، ثم تصل إلى ضرب البوارج الأكبر، وتتصاعد لضرب أهداف عسكرية منتقاة فى إيران، وتصل إلى ضربات منظمة للأهداف النووية الإيرانية.

كانت خطة «ماتيس» تتصاعد إلى حد تصميم خطة للغزو البرى للأراضى الإيرانية بالمشاركة مع كافة الأسلحة الأخرى بحراً وجواً.

فى نهاية الأمر فعل ترامب ما يريد، خرج من الاتفاق النووى، ولكن لم يغزُ إيران عسكرياً!

دفع «تيلرسون» ثمن خلافه مع ترامب واستقال بل أقيل بشكل مهين!

وهكذا أصبحت مسألة فريق الرئيس هى مسألة المسائل التى أضرت بماضٍ وحاضر، ويمكن أن تضر بالرجل فى المستقبل القريب.

غداً نكمل عرض الكتاب..

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب ٤ قراءة أولى لكتاب «الخوف» كوارث إدارة ترامب ٤



GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:41 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 08:22 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أهم الإشارات التحذيرية لمنع فشل أي علاقة عاطفية

GMT 06:12 2018 الجمعة ,13 تموز / يوليو

الفنانة إليسا تخطف الأنظار بفستان براق جرئ

GMT 02:17 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

رينج روفر بحرية بدفع سداسي تكشف نفسها رسميًا

GMT 09:02 2018 الجمعة ,25 أيار / مايو

خطوات سهلة وبسيطة لتنظيف المنزل من الغبار

GMT 19:57 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

ميناء ينبع التجاري يحقق رقماً قياسياً

GMT 19:01 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

أسماء ضحايا الهجوم المتطرف على كنسية مارمينا في حلوان

GMT 04:58 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

عبايات باللون الزهري للتوعية ضد "سرطان الثدي"

GMT 10:02 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير الهلال تفتح النار على لاعب النصر شايع شراحيلي
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq