كان أستاذى الراحل أنيس منصور يكرر على مسامعى عبارة كلها حكمة لا أنساها ما حييت تقول: «أنا لا أعرف قواعد النجاح ولكن أعرف أهم قاعدة للفشل: إرضاء كل الناس».
وكان الإمام على بن أبى طالب (رضى الله عنه وأرضاه) يقول: «رضاء كل الناس غاية لا تدرك».
وكما قال السيد المسيح: «فى البدء كانت الكلمة».
الكلمة هى الفكرة فى العقل التى تنتقل إلى اللسان وتتحول إلى حالة الفعل.
من هنا نقطة بدء البدء هى الكلمة وجوهر الجوهر هو الكلمة.
وأبشع ما نحياه فى هذا العصر هو امتهان معظمنا لشرف وقيمة جوهر الكلمة.
نحن نقول ما لا نعنى، ونعنى ما لا نقول.
نحن أبطال العالم فى هذه المنطقة من العالم فى علم النفاق والكذب وامتهان الحقيقة واغتيال الحق.
ببساطة، نقول لبعضنا كل يوم سواء بشكل شخصى أو على شاشات التواصل الاجتماعى: «صباح الخير».
هنا أتوقف أمام كلمة «الخير»، وأسأل «هل بالفعل نريد لغيرنا (الخير)؟». تأملوا كم مرة قلنا لغيرنا صباح الخير ثم بدأنا فى تدميره تدميراً؟
ببساطة، حينما نقول «تفضلوا بقبول فائق الاحترام» هل نحن بالفعل نحترم من أرسلنا له هذه الرسالة؟
ببساطة، حينما يقول الشباب الآن: «حبيبتى، حياتى، عمرى، باحبك قوى، باموت فيك، باعشقك».
ببساطة: حينما نقول: «يا روحى، يا نور عينى، يا قلبى، وحشتنى موت».. هل حقيقةً نعنى ما يحمله كل حرف من قيم سامية وعواطف جياشة يترتب عليها التزام أخلاقى وموقف إنسانى ومسئولية ملزمة؟
الحروف فى حياتنا مستباحة والكلمات عندنا مثل المرأة الساقطة تذهب إلى الفراش لمن يدفع أو من يدفع أكثر.
وتعريف الكلمة اللغوى هو: «اللفظ الدال على معنى مفرد والمعنى الذى تدل عليه الكلمة ينحصر فى 3 دلالات:
1- «ذات» وهى ما يدرك بالحس.
2- حدث وهو فعل الفاعل.
3- ما يربط الذات بالحدث.
والكلمة هى التى ساعدت الأنبياء على إيصال رسائلهم، والكلمة هى التى ساعدت أباطرة فى خداع شعوبهم، والكلمة هى التى جعلت أبوموسى الأشعرى يتلاعب فى يوم الفتنة الكبرى، والكلمة هى التى جعلت «بروتس» ينجح فى بيع «يوليوس قيصر»، والكلمة هى التى جعلت أبوالطيب المتنبى يقاتل حتى الموت، والكلمة هى التى جعلت أعتى الرجال يسلمون أنفسهم لأدنى النساء.
الكلمة هى شرف الله على الأرض. وخير من وصف أهمية الكلمة فى رأيى المتواضع هو الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوى فى مسرحيته الخالدة «الحسين شهيداً» حينما قال:
«أتعرف معنى الكلمة؟
مفتاح الجنة فى كلمة
دخول النار فى كلمة».
ويعود ويقول:
«الكلمة نور
وبعض الكلمات قبور
وبعض الكلمات قلاع
شامخة يعتصم بها النبل البشرى
الكلمة فرقان بين نبى وبغى».
ويختتم شاعرنا قوله:
«إن الكلمة مسئولية
إن الرجل هو كلمة
شرف الله هو الكلمة».
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الوطن