بقلم - عماد الدين أديب
عالمان يحكمان العقل الأنجلوساكسونى الآن، العقل الأمريكى اليمينى، والعقل الأوروبى الوسطى.
وفى يوم واحد، وتحت سقف القاعة الرئيسية للجمعية العامة للأمم المتحدة، ظهر بما لا يدع مجالاً للشك التباين الشديد والهوة الواسعة بين الرؤيتين، كما جاءتا فى خطاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والرئيس الفرنسى ماكرون.
«ترامب» قدم نفسه للعالم كنموذج للرئيس اليمينى الشعبوى المؤمن بالرأسمالية المتوحشة إلى أقصى حد، والداعى إلى الوطنية الأمريكية إلى حد الانعزال عن العالم، والرافض صراحة بلا أعذار فكر العولمة الذى ظلت بلاده تدعو إليه منذ أكثر من ربع قرن.
جاء خطاب «ترامب» متسقاً، كما كل ما قال وفصل وصرح به منذ 20 يناير 2016 بعدما أقسم اليمين الدستورية لرئاسة أقوى دولة فى العالم.
«ترامب» له عالمه الافتراضى الذى يصر عليه، ولن يتنازل عنه، وعلى استعداد لفعل كل شىء وأى شىء منطقى أو غير منطقى، عاقل أو مجنون، مقبول أو غير مقبول، حتى يحققه.
يبدو «ترامب» صادماً للبعض، محطماً لكل قواعد اللعبة الدولية، غير عابئ بأى تعهدات أو تواقيع أو تصديقات وضعتها بلاده على أى اتفاقات أو معاهدات دولية أو ثنائية.
ويأتى «ماكرون»، كزعيم شاب لدولة مأزومة اقتصادياً تعانى من تداعيات قارة عجوز تحاول إنقاذ نفسها من انفراط عقدها بعدما قرر الشعب البريطانى الخروج من اتحادها، يأتى «ماكرون» ليدعم العمل الجماعى والتعاون الدولى، وفكر العولمة واحترام الاتفاقات الدولية من الناتو إلى الاتحاد الأوروبى إلى اتفاقية البيئة المعروفة بمعاهدة باريس.
يأتى «ماكرون» ويدعم 12 عاماً من التفاوض مع إيران، ويشدد على ضرورة التعاون معها، وعلى فكرة الدولتين بين فلسطين وإسرائيل.
نحن، باختصار، نعيش فى حالة تصادم «إرادات وإدارات» فى الغرب بين جانبى الأطلنطى.
هنا يبرز السؤال: «هل سيكون فكر ترامب الوطنى الانعزالى الشعبوى حالة استثنائية طارئة ومؤقتة على حاضر ومستقبل الولايات المتحدة والعالم أم أنه بداية عدوى سياسية سوف تنتقل من واشنطن إلى عواصم أوروبية أخرى؟».
وليس غريباً أو مستغرباً أن نرى «ستيف بانون»، صاحب الإطار النظرى لحملة ترامب الرئاسية، يجوب الآن أوروبا كلها من أجل دعم موديل ترامب فى حكم أوروبا.