بقلم - عماد الدين أديب
تابع العالم منذ 48 ساعة مراسم جنازة السيناتور جون ماكين لعدة ساعات، فى مشهد مؤثر ومهيب نقلته كافة وسائل الإعلام العالمية على الهواء مباشرة.
لم تكن جنازة ماكين مجرد جنازة سيناتور أمريكى رحل عن هذه الحياة، لكنها كانت أكبر من ذلك بكثير جداً.
جون ماكين، محارب، جندى بحرية، طيار، أطول فترة لأسير حرب فى فيتنام، رمز للبطولة لدى الشعب الأمريكى، سيناتور محبوب، مرشح انتخابات رئاسية ومنافس جمهورى عليها، مبعوث خاص لبلاده فى مهام خاصة للخارج.
وعُرف عن ماكين، أنه رغم كونه من أقطاب الحزب الجمهورى إلا أنه كان «فوق الحزبية الضيقة» التى يشتكون منها بقسوة هذه الأيام فى الحياة السياسية فى مراكز صناعة القرار فى واشنطن.
كان ماكين رجل مبادئ يتعامل متجاوزاً أى نوع من التمييز فى اللون أو العرق أو الجنس أو الدين، حتى إنه عرض على السيناتور جو ليبرمان الديمقراطى، اليهودى الديانة، أن يكون شريكه فى حملته الرئاسية!
لذلك كله كان رجال وسيدات واشنطن الأوائل فى مقدمة الصفوف فى جنازته المهيبة، فشاهدنا أوباما وزوجته، وجورج دبليو بوش وزوجته، وبيل كلينتون وهيلارى كلينتون، ونائب الرئيس السابق جون بايدن، ونائب الرئيس الأسبق مايك تشينى، ووزير الخارجية الأسطورى هنرى كسينجر، ومئات من أهم الساسة ورجال المجتمع الأمريكى.
الجميع، جاءوا إلى حفل التأبين المهيب، إلا شخص واحد وهو دونالد ترامب!
كان ترامب ممنوعاً، حسب وصية جون ماكين، أن يحضر أو تتم دعوته لحضور جنازته بعد أن قام بالتعدى اللفظى على ماكين!
كانت كلمات الحضور، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، تعكس إشارات واضحة عن حالة «الاستياء والقرف السياسى» من حالة التدهور والتدنى الذى وصلت إليه حالة الممارسات السياسية الحالية فى دهاليز وأروقة واشنطن السياسية.
وبينما كان دونالد ترامب يمارس لعبة الجولف متظاهراً بأنه غير عابئ بالأزمات السياسية والقانونية التى تكاد تعصف به، كانت ابنة جون ماكين تلقى خطاب الوداع المؤثر أمام جثمان والدها المسجى والموشح بعلم الولايات المتحدة الأمريكية لكى تقول: «إن بلادنا ليست بحاجة إلى أن تكون عظيمة مرة أخرى، لأنها كانت دائماً كذلك» فى إشارة مباشرة إلى دعوة ترامب لإعادة أمريكا إلى مجدها وعظمتها.
ولأول مرة فى جنازة فى واشنطن ينسى الحضور مهابة الموت ولحظات الحزن ويصفقون تضامناً مع كلام ابنة ماكين وتعبيراً عن استيائهم من رئيسهم الذى ينتظر متى تطيح به عاصفة العزل.