المئوية

المئوية

المئوية

 العراق اليوم -

المئوية

بقلم - مصطفى الفقي

إن لدى المصريين مناسبات عديدة يتذكرونها، فقد احتفلنا منذ سنوات بمئوية السينما المصرية، ومئوية «دنشواى»، والأعياد المرتبطة بنشأة البنوك الوطنية، ثم شركة مصر للطيران، فقد كان النصف الأول من القرن العشرين شديد الازدهار بكل ما هو جديد، مواكبًا للتطورات العالمية والتغيرات الدولية، وعندما جاء عام 2016 تذكرنا «سايكس بيكو»، وفى عام 2017 تذكرنا «وعد بلفور»، وفى عام 2018 لدينا مئويتان، أولاهما ترتبط برحيل الزعيم الذى لا تنساه الجماهير وأعنى به «جمال عبدالناصر»، الذى تتجه عواطفى إليه وذكريات شبابى بعصره، وفى نفس العام تأتى مئوية رجل الدولة رفيع الشأن «أنور السادات» الذى يتجه إليه عقلى فى كثير من المواقف، ويأتى العام القادم ليكون عام مئوية ثورة 1919 بشعبيتها الكاسحة وزعامتها التاريخية، ولقد كتبت مقالًا فى عام 2017 تحدثت فيه عن مضى مائة عام أيضًا على تولى «أحمد فؤاد الأول» حكم السلطنة المصرية، وأتذكر أيضًا أنه قد مضى ثمانون عامًا على صدور كتاب يعتبر هو الوثيقة الفكرية والنهضوية فى رائعة عميد الأدب العربى د. «طه حسين»: «مستقبل الثقافة فى مصر»، وهكذا نجد أن لدى المصريين ما يتذكرونه دائمًا، وهو أمر يشير إلى العراقة، وينعش الذاكرة بتذكر الأحداث المهمة والشخصيات المحورية، وبين حين وآخر يثور جدل حول الزعامات التى رحلت، ولقد لاحظت فى الشهور الأخيرة زخمًا كبيرًا وقوة دفع شديدة لتكريم ذكرى «عبدالناصر» بمناسبة عيد ميلاده فى الخامس عشر من يناير 2018، ولكننى استمعت إلى وجهات نظر أخرى تعارض سياساته وتقلل من شأن إنجازاته وتختزل كل تاريخه فى نكسة 1967، وفى هذا العام أيضًا وفى الخامس والعشرين من ديسمبر تحديدًا ستكون الذكرى المائة لميلاد «السادات»، وبين الزعيمين تشابه نسبى فى هيكل النظام السياسى مع اختلاف جذرى فى المضمون الفكرى.. وينقسم الناس بين مؤيد لهذا ومعارض لذاك أو العكس، وفى ظنى أن الاستمرار فى مواصلة اجترار الذكريات ونبش الماضى وحده قد يصرفنا عن التطلع إلى المستقبل أو حتى فهم الواقع والتعايش معه، لذلك فإننى أرى أن يقتصر الأمر فى المناسبات المختلفة على إصدار كتاب وثائقى دقيق ومعتمد من مصادر لا يرقى إليها الشك، ويدور حول الشخصيات الكبرى والأحداث المحورية، لأن ترك الأمر للانطباعات الشخصية والكتابات المرسلة- ومعظمها عاطفى يحكمه الهوى- لا يصلح أبدًا توثيقًا لبلد كبير مثل مصر، فإذا كان الأمر كذلك ونحن لانزال فى ظلال المعاصرة فى تلك الأحداث فما بالنا بمن يقرأون عنها بعد مئات السنين ويتوهون وسط ذلك الركام من المذكرات والخواطر، بل الأكاذيب أحيانًا!؟ إن الأمة التى تحترم تاريخها قادرة على صنع مستقبلها وتجديد مشروعها النهضوى من حين إلى آخر، لأن الركود والخمود يعبران عن الهوان الحقيقى الذى ينتاب الأمم وهى فى طريقها إلى الترهل والانزواء والابتعاد عن روح العصر وطقوسه ورموزه، إن الذين يقولون إن «عبدالناصر» كان ديكتاتورًا مستبدًا إنما يتناسون تمامًا جوانب العظمة فى تلك الشخصية الأسطورية، والذين يقولون عن «السادات» إنه كان حاكمًا ينحاز إلى الأغنياء ويعشق الغرب هم ظَلَمة بكل المعانى، فقد كان هو ثانى رجل دولة فى التاريخ المصرى بعد «محمد على»، على اعتبار أن «عبدالناصر» قد تميز بكاريزما الزعامة التى تجعل الحكم عليه مرتبطًا بالعصر ومعطياته والوقت وملابساته، فهو يبدو خارج التحكيم، أما «السادات» صاحب القرارين- قرار الحرب وقرار السلام- والذى عصف بمراكز القوى فى ليلة واحدة مثلما عصف «محمد على» بـ«المماليك» فى يوم واحد، فإنه يجب أن يأخذ حقه فى التاريخ بما له وما عليه، وأنا ضد الأحكام المطلقة أو التعميم فى إبداء الرأى، فـ«مصر» تعتز بكل أبنائها وتفخر بكل قادتها إلا من نكص على عقبيه وأدار للشعب ظهره مثلما فعل «محمد توفيق» عندما فتح أبواب الوطن أمام الاحتلال البريطانى.. مرحبًا بوثائق التاريخ وحقائقه، ولا مرحبًا على الإطلاق بالانطباعات الشخصية والانفعالات الوقتية والأحكام المتعجلة.

الصدر : المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المئوية المئوية



GMT 05:36 2019 الجمعة ,10 أيار / مايو

في حضرة العلماء

GMT 07:31 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

تغول السلطة التنفيذية

GMT 04:01 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

حزب الوفد

GMT 01:52 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تكريم السادات

GMT 00:15 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

أنبياء "أورشليم"

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:01 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

رباب يوسف تؤكد أن الطبيعة تجذب السياحية

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

سداسي براعم الشباب ينضمون لمعسكرين إعداديين

GMT 14:05 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

إتيكيت حجز الفنادق ومراعاة كافة شروط السكن فيها

GMT 10:13 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتماد إنشاء أكاديميتين للعربية والإنجليزية في نجران

GMT 04:55 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

طريقة عمل مكياج مكتمل ومثالي بدون "كريم أساس"

GMT 23:49 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

تسريب أول صورة لـ"لكزس ES 2019" الجديدة كليا

GMT 21:54 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

معتز هوساوي يوضح أسباب الخسارة من النصر

GMT 01:18 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

رباح يؤكد أن محاولات تصفية القضية الفلسطينية فاشلة

GMT 01:35 2016 الأربعاء ,20 إبريل / نيسان

الليمون علاج سحري للكثير من مشكلات البشرة

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

أحجار الياقوت الثمينة تُغلف عطر مايكل كورس الجديد
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq