الأنتخابات العراقية المبكرة

انتقدت الباحثة في "معهد بروكينجز" الاميركي مارسين الشمري السياسة المالية للعراق، مشيرة إلى أنه على الرغم من الازمة الاقتصادية التي يواجهها، إلا أن الميزانية التي تقدمت بها الحكومة بنفس حجم موازنة العام السابق، تشهد زيادة في الأموال المخصصة للنفقات الامنية والعسكرية، بما في ذلك ما يخص وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وجهاز مكافحة الارهاب وقوات الحشد الشعبي.

 

علامات حرب أهلية

 

واعتبرت الباحثة في المعهد الاميركي ان هذه الزيادة التي تطال ميزانية الحشد الشعبي، الذي وصفته بأنه عبارة عن قوات شبه عسكرية تشكلت لمحاربة داعش العام 2014، تجعل من هذه القوات والكيانات السياسية المرتبطة بها، لاعبين اقتصاديين اساسيين عشية الازمة الاقتصادية فيما شباب العراق والسكان الذين يعانون من الضيق المالي تحت رحمة الزبائنية.

 

وذكرت الشمري بعلامات الازمة الاقتصادية حيث يدخل العراق سنة 2021 الأزمة تلوح في الأفق زاد من تفاقمها وباء كورونا وتراجع أسعار النفط، وتأخر الرواتب في الشهور الماضية، وقرر البنك المركزي تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار بنسبة 23%، فيما هناك توتر واضح في الشارع.

 

واشارت الى ان عقودا من الأبحاث السياسية أظهرت أن المعاناة الاقتصادية، خاصة عندما يضرب الشباب، قد تقود الى نتائج عنفية، بما في ذلك الحرب الأهلية.

 

الخدمات مقابل الفوز بالانتخابات

 

وبالإضافة الى المخاوف من عودة العنف المتجدد، فان الأوقات الاقتصادية الصعبة، تخلق الفرص أمام الزبائنية، التي تصفها هنا بأنها منح السلع والخدمات مقابل الدعم الانتخابي والسياسي.

 

وقد اظهرت تظاهرات اكتوبر 2019، بحسب الشمري، من بين امور اخرى، ان المحتجين طالبوا طويلا بفرص العمل والاستقرار المالي، مضيفة أنه خلال الازمة الاقتصادية وعشية الانتخابات، فان ذلك يجعلهم أهدافا سهلة للزبائنية التي يمارسها اللاعبون السياسيون.

 

وتقول الشمري في تقريرها في "بروكينجز" ان العراق لا يواجه نقصا في اللاعبين الزبائنيين، خاصة أولئك الذين يمتصون موارد الدولة، ويحولونها إلى أنصارهم.

 

شراء الأصوات

 

أضافت "أن التراجع الأخير في أسعار النفط وثروة الدولة بشكل عام، تشير، نظريا، إلى أن الكيانات السياسية القريبة من الدولة ستعاني من تخفيض في سلطتها. لكن، في ظل وجود مواطنين يعتمدون بشكل كبير على التوظيف الذي توفره الدولة، فإن تراجع أسعار النفط يجعل المواطنين أيضا أكثر هشاشة اقتصاديا.

 

وقد يخفض ذلك كلفة شراء الأصوات، خاصة من جانب الأحزاب السياسية والفصائل واشير اليها في الميزانية المقترحة، لم يتم المس بالأموال المخصصة لها".

 

ثروات الأحزاب تتضاعف

 

وفي هذا السياق اشارت الى ان الميزانية التي لم تحصل حتى الآن على موافقة البرلمان، ترصد زيادة لوزارة الدفاع بنسبة 9.9%، ووزارة الداخلية بنسبة 9.7%، وجهاز مكافحة الإرهاب بنسبة 10.1 في المئة، والحشد الشعبي بنسبة 45.7%، وذلك مقارنة بالميزانية السابقة الموافق عليها العام 2019.

 

وبالنظر الى ان الوزارات تتولاها عموما شخصيات تنتمي الى أحزاب محددة، فان الموارد الاضافية بما في ذلك الأموال الآتية من مصادر أخرى كالمعابر الحدودية ومشاريع البناء، تمنح تلك القوى المزيد من الثروات ما يتيح لها تقديم وظائف في مرحلة انعدام فرص العمل.

 

الحشد يوفر الوظائف

 

واعتبرت الشمري أن هذه الدوافع تتزايد مع اقتراب الانتخابات المبكرة التي اقترحها مصطفى الكاظمي. وأشارت إلى أنه مع اقتراب الانتخابات، فإن اللاعبين السياسيين بما في ذلك الحشد الشعبي، سيزيدون من مبادراتهم باتجاه عامة الناس في محاولة لكسب المزيد من المناصرين كما فعلوا خلال انتخابات 2018.

 

وفي واقع الأمر، بحسب الشمري، فإن الافتقار الى فرص العمل بالاضافة الى الهجوم المفاجئ لداعش، هي من الأمور التي دفعت آلاف العراقيين للانضمام الى متطوعي الحشد الشعبي في العام 2014. إن قدرة تلك القوى على تأمين الوظائف، خاصة بالنسبة إلى الشباب، سمح لصفوف الموالين لها بالنمو.

 

الاقتصاد الهش يبدد الديمقراطية

 

في الخلاصة اعتبرت الشمري في تقريرها أن القلق من طول بقاء الجماعات شبه العسكرية وعلاقاتها وسيطرتها على الدولة، لا يمكن فصله عن النقاش حول مستقبل العراق الاقتصادي وقدرته على تقديم التأمينات لسكانه المتزايدين عددا.

 

وتابعت؛ أن الهشاشة الاقتصادية للمواطنين عنصر مهم لاستقرار وأمن الدولة. والوضع الاقتصادي المتزعزع يضعف المواطنين ويغذي الفساد ويبدد الديمقراطية.

وقد يهمك أيضا

رئيس الوزراء العراقي يؤكّد أنّ حكومته نتاج الحراك الشعبي وقوى التغيير

عودة الهدوء إلى الناصرية العراقية وسط توقعات بإقالة المحافظ